دين ودنيا

الدكروري يكتب عن الخلية الإجتماعية الأولي

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الغنى ليس بكثرة المال، وإن كان هو عند الناس الغني، ولكن الغني الحقيقي هو غنى النفوس وقناعة القلوب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم “ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس” وبهذا يضمن العبد الحياة الطيبة التي قال الله تعالى فيها “من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة” وقد ذكر بعض المفسرين أنها حياة القناعة وأن يجمع له الله شمله يعني أموره المتفرقة، فيجعل خاطره مجتمعا غير متفرق وقلبه هادئا ونفسه ساكنة وعيشه هنيئا، فيكون في سرور وراحة بال، وكما يجمع عليه الأهل والأبناء والجيران، وإن الأسرة هي الخلية الاجتماعية الأولى في المجتمع، وعلى صلاحها وقوتها واستقامتها يتوقف صلاح المجتمع وقوته وتماسكه، فالمرأة والرجل هما عماد الأسرة.

إذا صلح كل منهما استطاعا أن يكونا بيتا نموذجا على القواعد التي وضعها الإسلام، وقد وضع الإسلام قواعد البيت فأحكم وضعها، فأرشد الزوجين إلى حسن الاختيار، وبيّن أفضل الطرائق للارتباط، وحدد الحقوق والواجبات على كل من الطرفين، وما يتميّز به كل واحد منهما، والإسلام يعتبر نظام الأسرة هو النظام الطبيعي الفطري المنبثق من أصل التكوين الإنساني، بل من أصل الأشياء كلها في الكون الذي يقوم على قاعدة الزوجية، والأسرة هي المحضن الطبيعي الذي يتولى حماية الناشئة ورعايتها وتنمية أجسادها وعقولها، وفي ظله تتلقى مشاعر الحب والرحمة والتكامل، وتتطبع بالطابع الذي يلازمها مدى الحياة، وعلى هديه ونوره تتفتح للحياة وتتعامل مع الحياة، وإن الأسرة تمثل ساحة انطلاق.

والتقاء الثقافة والمجتمع والشخصية، فهى العامل الأصيل فى تحويل الإنسان من فرد بيولوجى إلى شخصية اجتماعية، باعتبار كونها النافذة الأولى التى ينظر من خلالها على أخلاق المجتمع وثقافته، ومن ثمّ تقوم الأسرة بتشكيل ضمير الفرد الداخلى مع تحديد أدواره ومكانته فى شبكة العلاقات الاجتماعية بدوائرها المختلفة، وهى سمات مميزة للدور الاجتماعى الذى تنطلق منه الأسرة لتعليم أفرادها كيفية التعامل مع الآخرين وتكوين العلاقات الاجتماعية من خلال إرشادهم إلى انتقاء الأصحاب، وأساليب التفاعل مع من حولهم، فضلا عن تحذير الأبناء من المخاطر المحيطة بهم، كرفقاء السوء، والعادات السيئة، والانحرافات الفكرية، ويضاف إلى ذلك الجهود التى تقوم بها الأسرة.

فى الارتقاء بالجانب النفسى للفرد من المساعدة فى تحقيق الاستقرار لدى أفرادها والإحساس بالأمان، وزيادة شعورهم بالحنان والرحمة والحب والسلام والراحة النفسية، وضرورة الابتعاد عن مواطن الهلاك ودوائر الضياع، وبهذه المعانى تبرز أهمية الأسرة وتتضح سمات وظائفها المنوطة بها حتى تتحقق فيها شروط الحاضنة الحيوية للإنسان التى تتكون فيها مهاراته ومعارفه، وتتشكل من خلال قيمها النافعة اتجاهاته الاجتماعية والثقافية والأخلاقية والاقتصادية، بما يكون ذرية طيبة تقر بها عيون المجتمع، ويتقدم بجدها واجتهادها الوطن وتفخر بها الأمة، وتنبثق أهمية الأسرة في المجتمع من كونها مؤسسة اجتماعية، فتكوين الأسرة ضرورة حتمية لبقاء الجنس البشري ودوام الوجود الاجتماعي.

وتتجلى أهمية النظام الأسري في المجتمع في أنه تعتبر الأسرة الخلية الأولى التي يتكون منها المجتمع، وهي أساس الاستقرار في الحياة الاجتماعية، وكما تعتبر نشأة الأسرة وتطورها ثمرة من ثمرات الحياة الاجتماعية، وكما تعتبر الأسرة الإطار العام الذي يحدد تصرفات أفرادها فهي التي تشكل حياتهم، فهي مصدر العادات، والأعراف، والتقاليد، وقواعد السلوك، وعليها تقوم عملية التنشئة الاجتماعية، ولكل أسرة بعض الخصائص الثقافية الخاصة، حيث تؤثر الأسرة فيما عداها من النظم الاجتماعية الأخرى وتتأثر فيها، فإن صلحت صلح المجتمع ككل وإن فسدت فسد المجتمع ككل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock