دين ودنيا

الدكروري يكتب عن زواج التحليل

بقلم / محمـــد الدكـــروري
كم تصدى النبي صلى الله عليه وسلم للناس حتى أثر على عبادته صلى الله عليه وسلم فكان في آخر حياته يصلي جالسا كما تقول السيدة عائشة رضي الله عنها حين حطمه الناس، وهكذا المصلحون والعلماء وغيرهم من الناس الذين تصدوا لدعوة الناس، والأمر يحتاج إلى اعتدال، فلايسوغ أن نهمل الدعوة والإصلاح بحجة تربية أنفسنا، وفي المقابل لا يسوغ أن نهمل أنفسنا، فلنؤتي كل ذي حق حقه والله أعلم، وإن زواج التحليل هو استهزاء بكتاب الله عز وجل، فعن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه في المحلل قال “لا ترجع إليه إلا بنكاحِ رغبة غير دلسة، ولا استهزاء بكتاب الله” وإن زواج التحليل باطل ولو لم تعلم المرأة، فكيف لو تعاقدت واتفقت أطرافه عليه؟ وعن ابن عباس رضي الله عنهما.
قال “لعن الله المحلل والمحلل له”، وهو من روى عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لعن المحلل، وقد فسّره بما قصد به التحليل وإن لم تعلم به المرأة، فكيف بما اتفقا عليه وتراضيا وتعاقدا على أنه نكاح لعنة لا نكاح رغبة؟ هذا ولم يُعلم أن أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد فرّق بين تحليل وتحليل، ولا رخص في شيء من أنواعه، وإن الأدلة من الآثار عن التابعين على بطلان زواج التحليل وهو أنها تؤكد على عدم صلاحية زواج التحليل فعن معمر عن قتادة قال “إذا نوى الناكح أو المنكح أو المرأة أو أحد منهم التحليل فلا يصلح” وأن جميع أطراف زواج التحليل جميعهم مسيئون، ويرى البعض عقوبة المحلل، فعن ابن جريج قال، قلت لعطاء المحلل عامدا هل عليه عقوبة؟
قال “ما علمت، وإني لأرى أن يعاقَب” قال”وكلهم إن تمالؤوا على ذلك مسيئون، وإن أعظموا الصداق” ولا يحل للزوج الأول أن يقرب الزوجة إذا كان نكاحه على وجه التحليل، فعن معمر عن قتادة قال “إن طلقها المحلل فلا يحل لزوجها الأول أن يقربها إذا كان نكاحه على وجه التحليل” وعن جريج قال قلت لعطاء فطلق المحلل، فراجعها زوجها، قال “يفرّق بينهما” وقال النخعي “إذا كان نية أحد الثلاثة الزوج الأول، أو الزوج الآخر، أو المرأة، أنه محلل، فنكاح الآخر باطل ولا تحل للأول” وقال الحسن البصري “إذا همّ أحد الثلاثة بالتحليل، فقد أفسد” وأنه لا بد من أن يعمّر الزوجان ويقيما معا، فعن الشعبي أنه سئل عن رجل تزوج امرأة كان زوجها طلقها ثلاثا قبل ذلك، أيطلقها لترجع إلى زوجها الأول؟
فقال “لا، حتى يحدث نفسه أنه يعمّر معها وتعمّر معه” أي تقيم معه، وكذلك فهو بطلان زواج التحليل وإن لم يعلم به الزوج الأول أو المرأة، وقال سعيد بن المسيب في رجل تزوج امرأة ليحلها لزوجها الأول ولم يشعر بذلك زوجها الأول ولا المرأة، قال “إن كان إنما نكحها ليحلها، فلا يصلح ذلك لهما ولا تحل له” فيجب فيه أن يكون الزواج زواجا صحيحا، فقال سعيد بن المسيب “إن الناس يقولون حتى يجامعها، وأنا أقول إذا تزوجها زواجا صحيحا لا يريد بذلك إحلالها، فلا بأس أن يتزوجها الأول” وإن الأسرة هى أساس المجتمع، ومنها تتفرق الأمم وتنتشر الشعوب، ونواة بنائها الزوجان، ولقد قال الله سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم فى سورة الحجرات.
” يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ” وإن بقيام الزواج تنتظم الحياة، ويحفظ الحياء، وينعم البال، ويستقيم الحال وبالزواج المشروع يتحقق العفاف والحصان، والنسل الصالح والجيل الخير لا ينبت ولا يتربى إلا في أحضان زوجية شرعية بين أبوة كادحة وأمومة حانية، وإن في الذرية الصالحة والاستكثار منها العز والفخار للدين والأسرة والمجتمع، فقال الله سبحانه وتعالى فى سورة الأعراف ” واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم ” وقال أيضا سبحانه وتعالى فى سورة الإسراء ” ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا “

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock