دين ودنيا

الدكروري يكتب عن معاني الهجرة النبوية السامية

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

لقد دخل صلي الله عليه وسلم في غرفة الإمام علي أو في بيته هو، وطوقه الكفرة الفجرة لأنه يهدد مصالحهم التي بنيت على الظلم، ولأنه يصادر شهواتهم، ولأنه لا يطاوعهم في نزواتهم، وهكذا يخطط أعداء الله للقضاء على رسول الله صلي الله عليه وسلم، وبهذا القدر من المكر والخديعة، ولكنهم يمكرون ويمكر الله، فأعلم الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم بما أراد المشركون، وأذن له بالهجرة، وكان أبو بكر رضي الله عنه قد تجهز من قبل للهجرة إلى المدينة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم “على رسلك فإني أرجو أن يؤذن لي” رواه البخاري، فأين نحن اليوم من معاني الهجرة هل أن أعمالنا وسلوكنا وأخلاقنا ومعاملاتنا وسائر أحوالنا تعكس صورة الإسلام ليغير الله بنا من حال الذل إلى العز، ومن حال الفرقة إلى حال القوة والاجتماع والمحبة.

فإن هناك بعض الدروس المستفادة من الهجرة النبوية، علينا أن نتأملها ونتدبرها، ونتخذها زادا ونبراسا نستضيء به في حياتنا وأعمالنا، وأن نعلم أولادنا وبناتنا تلك المعاني السامية والأخلاق الفاضلة ونغرسها في نفوسهم حتى ينشؤوا على الفضائل، ويتربوا على الشمائل ليكونوا أداة صالحة في خدمة مجتمعهم ودينهم، ويجب أن ندرك أن الأعداء يبذلون الكثير من المال للصد عن سبيل الله ونشر باطلهم، ومع ذلك لم ينالوا من القلوب المؤمنة سبيلا وإن كانوا نالوا من اجسادهم وآلامهم، وما زال الأعداء ينفقون بسخاء للتضييق عل المسلمين في دعوتهم، ونشر الكفر والإلحاد وتشجيع الرزيلة والفجور والإباحية، وإذا كان أهل الباطل ينفقون الكثير من المال من أجل باطلهم وفجورهم، فكيف بالمسلمين الموسرين، والمسلمين يمسكون عن الإنفاق لنشر دعوة الحق.

ومواساة اخوانهم المسلمين من الفقراء و المعوزين ؟ فعلينا السعي والبذل لنصرة دعوة الاسلام واتباعها في كل مكان، ولم تقتصر معاهدة قريش واضرارها وأذاها على النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه فقط بل شملت كل من يقف أو يتعاطف معهم أو يدافع عنهم أو أي صلة تربطهم بهم سواء كانت علانية أو سرا، ولهذا ينبغي على عموم المسلمين أن يتجمعوا ويترابطوا خلف علمائهم ودعاتهم المخلصين، يناصرونهم و يؤازرونهم، وان تكون صلتهم بالمجتمع الدولي قائمة على المصالح المشتركة والسلم العالمي، كما ينبغي العلماء والدعاة إلى الله تقوية صِلاتهم بجمهور المسلمين حتى يكونوا يدا واحدة، وصفا واحدا، لا مكان فيه للاختراق من الاعداء في الداخل او الخارج، إن الهجرة حدث تاريخ عظيم لا ينبغي أن يمر علينا مرور الكرام بل لأجل أن نأخذ منه العبر والدروس.

فلقد هاجر نبينا عليه افضل الصلاة وأتم التسليم من مكة المكرمة إلى المدينة النبوية بعد أن لقي من الأذى والضيق والبلاء ما لا تتحمله الجبال الرواسي، وفقد النصير العزيز من أهله وأقربائه كأبي طالب وخديجة الفضلى، وامره الله حينئذ بالصبر والهجرة، ولقد تآمر المشركون على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقرروا أن يفتكوا ويقتلوه لكن الله نجاه حماه وأيده ونصره، وعندما وصل إلى غار ثور تتبع المشركون أثره حتى وصلوا إليه فقال أبو بكر الصديق لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتسمع أصواتهم “لو نظر أحدهم إلى قدمه لأبصرنا” وقد أيد الله تعالى رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم بالمعجزات الباهرات، والآيات البينات، لتدل على نبوته ورسالته، منها ما حصل لسراقة بن مالك حينما أراد أن يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فساخت قوائم الفرس في الأرض ونجا الله نبيه من أذى قريش بعد أن رصدت جائزة لمن يأتي برسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة بسلام وحفظ من الله سبحانه، واستقبله الأنصار بالترحاب والفرح، وكان أول ما باشر به بناء المسجد النبوي، وألف بين الأوس والخزرج وبين المهاجرين والأنصار، وظهرت خوارق العادات والأخلاق من الإيثار، والمحبة، والتعاون والوفاء حيرت العلماء قديما وحديثا ولم يمكنهم تفسيرها بشيء إلا بالإيمان الصادق واليقين الجازم، ولقد دلت الهجرة على دروس وعبر وعظات، منها حفظ الله لنبيه وتأييده له، ويتجلى ذلك عندما أحاط به المشركون من كل جانب، فجعل الله له من بينهم مخرجا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock