بقلم / محمــــد الدكــــروري
يتفق أغلب العلماء على أن الحياة نشأت عن طريق سلسلة من التفاعلات الكيميائية، تمت تحت ظروف بيئية مغايرة تماما للظروف السائدة على الأرض اليوم، وأدت تلك الظروف إلى إنتاج تجمعات من الجزيئات العضوية، وانطلقت نماذج تلك النشأة من نظرية التطور، مترسمة هُداها في أن نمو المادة الميتة أو الجزيئات غير العضوية التي سبقت الخلايا الحية قد تأثر بالآليات التي تحكم الكائنات اليوم من التنافس، ونسخ الجزيئات، والانتقاء الطبيعي، بمعنى آخر أنه وقع أغلب هؤلاء العلماء في تفسيرهم لنشأة الحياة في أسر نظرية دارون، فإذا بطلت النظرية بطلت معها التأويلات المنبثقة عنها، وقد سقطت النظرية فعلا، وقد تأكد فيما بعد عدم صحة هذا الفرض، وقد قال الله تعالى ” وعلامات وبالنجم هم يهتدون”
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضل العلماء “فضل العالم على العابد كفضل القمر في ليلة البدر على سائر الكواكب” وشتان، شتان بين القمر وسائر الكواكب، وكان أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه قال أحد أصحابه كنت جالسا عند أبي الدرداءِ في مسجد دمشق، فأتاه رجل فقال يا أبا الدرداءِ، أتيتك من المدينة، مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم لحديث بلغني أنك تحدث به عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال فما جاء بك تجارة؟ قال لا قال ولا جاء بك غيره؟ قال لا قال فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من سلك طريقا يلتمس فيه علما، سهل الله له طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم، وإن طالب العلم يستغفر له من في السماء والأرض، حتى الحيتان في الماء.
وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء هم ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دِينارا ولا درهما، إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر، وفي فضل العلماء الكثير والكثير فهذت هو أبو هريرة رضي الله عنه، قد بين الإمام الزركشي أن ما ذكره الكيا الهراسي في أبي هريرة رضي الله عنه أنه تابع فيه القاضي، فإنه قال “إنه لم يكن مفتيا، وإنما كان من الرواة، والصواب ما قاله ابن برهان، وقد ذكره ابن حزم في الفقهاء من الصحابة، وقال عبد العزيز الحنفي في التحقيق “كان أبو هريرة فقيها، ولم يعدم شيئا من أسباب الاجتهاد، وقد كان يُفتي في زمن الصحابة، وما كان يُفتي في ذلك الزمان إلا فقيه مجتهد، وقد جمع الشيخ أبو الحسن السبكي جزءا في فتاوى أبي هريرة”
فقال فى المنخول ” والضابط عندنا فيه أن كل من علمنا قطعا أنه تصدى للفتوى في أعصار الصحابة، ولم يمنع عنها فهو من المجتهدين، ومن لم يتصد لها قطعا فلا، ومن ترددنا في ذلك فيه ترددنا في صفته، وقد انقسمت الصحابة إلى متنسكين لا يعتنون بالعلم، وإلى معتنين به، فهم المجتهدون، ولا مطمع في عد آحادهم بعد ذكر الضابط، وهو الضابط أيضا في التابعين”، وقد عدّ ابن حزم في الإحكام فقهاء الصحابة، فبلغ بهم أكثر من مائة، وقد قال الشيخ أبو إسحاق في طبقاته “أكثر الصحابة الملازمين للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم كانوا فقهاء، لأن طريق الفقه فيهم خطاب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأفعاله وكانوا عارفين بذلك، لنزول القرآن بلغتهم.
ولهذا قال أبو عبيد في كتاب المجاز “لم ينقل أن أحدا من الصحابة رجع في تفسير شيء من القرآن الكريم إلى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ولهذا قال صلى الله عليه وسلم “أصحابي كالنجوم، بأيهم اقتديتم اهتديتم” غير أن الذي اشتهر منهم بالفتاوى والأحكام جماعة مخصوصة، ويُشير ابن القيّم إلى أن الراشدين والصحابة رضي الله عنهم لم يلتفتوا إلى عدد من الشبه، بما يؤدي إلى تجويز غلط الشاهد ووهمه وكذبه، وقد عدّ هذا محض الفقه والاعتبار ومصالح العباد، وهو من أعظم الأدلة على جلالة فقه الصحابة وعظمته، ومطابقته لمصالح العباد، وحكمة الرب وشرعه، وأن التفاوت الذي بين أقوالهم، وأقوال من بعدهم، كالتفاوت الذي بين القائلين.
زر الذهاب إلى الأعلى