بقلم / محمــــد الدكــــروري
لقد حرص أعداء الإسلام على أن يتفننوا بكل طرق المكر والخديعة لإفساد شباب الإسلام، وهل حصل في الأندلس ما حصل إلا بغزو الشباب، وأن ينالوا في عقائدهم وأفكارهم؟ فاحرصوا على تفويت الفرصة على أعداء الإسلام، ولذلك لا يكون إلا بأن تحملوا بصدق وإخلاص مشعل الإيمان والعقيدة الصحيحة، والتحلي بالعلم النافع والعمل الصالح، الذي تستنير به عقولكم وتصفو بصائركم، وتسدد به أفكارهم، وتصوب به آراؤكم، فتكونوا حينئذ عامل إصلاح وصلاح، سالمين من عاديات الأشرار، وعاديات الفتن، وهائجات المحن، ومن الاهتمام بعنصر الشباب، نجد ما يبينه الرسول صلى الله عليه وسلم من مكانة الشباب الذي ينشأ على طاعة الله سبحانه وتعالى، فهذا الصنف من الشباب.
لهم مكانة عالية عند الله سبحانه وتعالى حيث ينجيهم من الضيق والكرب الذي يلحق الناس يوم القيامة فيظلهم الله سبحانه وتعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ” سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله الإمام العام وشاب نشأ في عبادة ربه” وخص النبى الكريم صلى الله عليه وسلم الشاب لكونه مظنة غلبة الشهوة لما فيه من قوة الباعث على متابعة الهوى، فإن ملازمة العبادة مع ذلك أشد وأدل على غلبة التقوي، وإن شباب الإسلام اليوم تتقاذف بهم أمواج الفتن من أفكار منحرفة، ومشارب ضالة، وشهوات جامحة، وغزو فكري لا ساحل له، فهم في ضرورة ملحّة إلى الالتحام بعلماء الأمة، المشهود لهم في الأمة بالعلم والورع، والديانة والصلاح، والعقل والثبات.
وبحاجة إلى أن يصدروا عنهم خاصة في قضايا مهمة حصل من الخطأ في فهمها نتائج وخيمة عبر تأريخ الأمة المحمدية، ونحن إذا ما أردنا للأمة الرقي في كافة مجلات الحياة فلنبدأ من الشباب فإن الشباب هم عدة الأمة، وهم أمل الحاضر، ورجال المستقبل، وسيكون منهم القائد والحاكم، والوزير والقاضي والمعلم والعامل والمربي لمن يأتي من الأجيال، إذن فتربية الشباب ليست هينة ولا سهلة، وإنما تحتاج إلى متابعة دقيقة من الآباء والمربين والمسؤولين، ومن الواجب أن يبدأ الآباء والمربون في إعداد الشباب منذ الطفولة، ويجب أن يستمر هذا الإعداد إلى أن يشتد عود الطفل، ويبلغ مرحلة النضوج الفكري والعملي، فالشباب في حاجة إلى التنشئة القويمة والتعليم الصحيح والتوجيه إلى كل نافع ومفيد.
وهذا واجب على الأسرة والمجتمع والقائمين على العملية التعليمية ولنا القدوة في نبينا صلى الله عليه وسلم الذي علم الصحابة في المدرسة المحمدية صحيح الدين وأخلاقه حتى حملوا مشاعل النور إلى العالم كله فقد ضرب النبي الكريم صلَّى الله عليه وسلم لنا المثل والقدوة في التربية والتعليم والتوجيه، فعن ابن عباس قال كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال “يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت علي أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف” رواه أحمد والترمذي.
فإن الشباب هم ثروة الأمة التي لا تقدر بثمن، و مصدر قوتها وعزها ولا يمكن تعويض خسارتها أبدا هم شبابها وفتياتها، وماذا تفيد البُنى التحتية، وازدهار الاقتصاد، وتدفق النعم، وكثرة البناء والعمران إذا تم استلاب عقول الشباب والفتيات، وصرفهم عن قضايا أمتهم إلى سفاسف الأمور ورذائل الأخلاق، وإغراقهم بالشهوات المحرمة، وحينها يكونون عبئا على أسرهم وعلى مجتمعاتهم وعلى الأمة جمعاء، وإن أعظم استثمار يستثمره الرجل في حياته هو استثماره في أبنائه وبناته في القرب منهم، والقيام عليهم، وتحسس مشاكلهم، وإشباع حاجاتهم وإلا فتنمية الأموال، وكثرة العقار لن تجدي شيئا إذا ما فقد الرجل أولاده، أو أحس بعدم انتمائهم إليه، وبعدهم عنه، فأولوا مرحلة الشباب عنايتكم.
واتقوا الله تعالى فيهم، أدبوهم أحسن تأديب، وربوهم على الإيمان والقرآن، وازرعوا فيهم مكارم الأخلاق، وعاملوهم كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعاملهم فإنكم إن فعلتم ذلك وجدتم نفعهم في دنياكم، ويصلكم دعاؤهم لكم بعد مماتكم، فقال صلي الله عليه وسلم ” إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية وعلم ينتفع به وولد صالح يدعو له” .
زر الذهاب إلى الأعلى