مقالات

الدكروري يتكلم عن إذا ذكر الله وجلت قلوبهم

 

بقلم / محمــــد الدكــــروري

إن من صفات المؤمنين أنه إذا ذكر الله وجلت قلوبهم، وإذا تليت عليهم آيات الله زادتهم إيمانا، وأنهم على ربهم يتوكلون، وأنهم يقيمون الصلاة، وأنهم ينفقون مما رزقهم الله، وكذلك فإن الصفة الأولى للمؤمنين هي ” إذا ذكر الله وجلت قلوبهم” والوجل هو الخوف في فزع ينشأ منه قشعريرة، واضطراب في القلب، وحينما أراد الشعراء أن يعطوا صورة بهذا الإحساس، نجد شاعرا منهم يقول كأن القلب ليلة قيل يغدي بليلي العامرية أو يراح قطاط غرها شرك تجا ذبه وقد علق الجناح، فالشاعر يصور حالة قلبه حين سمع بنبأ سفر حبيبته، كأنه صار مثل حمامة تحاول أن تخلص نفسها من شبكة أو مصيدة وقعت فيها، إنها تجاذب المصيدة حتى تخرج، وهي ترجف في مثل هذا الموقف، هكذا حال القلب لحظة فراق المحبوبة عند الشاعر. 

وإذا كان ذكر الله عز وجل يدفع قلوب المؤمنين إلى الوجل، ألا يتنافى ذلك مع قول الحق سبحانه وتعالى فى سورة الرعد ” الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله، ألا بذكر الله تطمئن القلوب” وفي الحقيقة لا يوجد تعارض بين القولين لأن ذكر الله تعالى يأتي بأحوال متعددة، فإن كان الإنسان مسرفا على نفسه، فهو يرجف حين يذكر الله الذي خالف منهجه، وإن كان الإنسان يراعي حق الله في كل عمل قدر الاستطاعة، فلا بد أن يطمئن قلبه لحظة ذكر الله؛ لأنه اتبع منهج الله ما استطاع إلى ذلك سبيلا، إذن فالخوف أو الوجل إنما ينشأ من مهابة وسطوة صفات الجلال، والاطمئنان إنما يجيء من إشراقات وحنان صفات الجمال، ولذلك تجمعها آية واحدة هي قول الحق تبارك وتعالى فى سورة الزمر ” الله أنزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثانى تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله” 

فالجلود تقشعر خوفا ووجلا ومهابة من الله عز وجل، ثم تلين اطمئنانا وطمعا في حنان المنان سبحانه وتعالى، لأنه سبحانه وتعالى يقول ” نبيء عبادى أنى أنا الغفور الرحيم” إذن فلا يقولن أحد إن هناك تعارضا بين الوجل والاطمئنان، فكلها من ذكر الله بالأحوال المتعددة للإنسان، فإذا ما وجل الإنسان فهو يتجه إلى فعل الخير فيطمئن مصداقا لقول الحق تبارك وتعالى فى سورة هود ” إن الحسنات يذهب السيئات ذلك ذكرى للذاكرين” ومن صفات المؤمنين هي الطهارة والعفة بشكل تام، وإجتناب أي معصية جنسية، حيث تقول الآية ” والذين هم لفروجهم حافظون” أى يحفظونها مما يخالف العفة ” إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين” وبما أن الغريزة الجنسية أقوى الغرائز عند الإنسان تمردا. 

ولضبط النفس عنها يحتاج المرء إلى التقوى والإيمان القوي، لهذا أكدت الآية التالية على هذه المسألة ” فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون” وإن عبارة المحافظة على الفروج قد تكون إشارة إلى أن فقدان المراقبة المستمرة في هذا المجال تؤدي بالفرد إلى خطر التلوث بالإنحرافات الكثيرة، أما عبارة أزواجهم فهي تشمل الزوجين الذكر والانثى، وعلى كل حال فإن الله لم يخلق في الإنسان غريزة كجزء من مكوناته المثلى، ثم يعتبرها تناقض منزلة الإنسان عنده، وكون الزوجات حلا للأزواج في علاقتهن الجنسية باستثناء أيام العادة الشهرية وأمثالها، لا تحتاج إلى شرح، وكذلك كون الجواري حلالا عندما يكن على وفق شروط ذكرتها الكتب الفقهية وليس كما يتصور البعض أن كل واحدة منهن ودون شرط حل لمالكها، وفي الحقيقة لهن شروط الزوجة في حالات كثيرة.

وأما عن الخشوع روح الصلاة، فإنه إذا اعتبر الركوع والسجود والقراءة والتسبيح جسم الصلاة، فالتوجّه الباطني إلى حقيقة الصلاة، وإلى من يناجيه المصلي، هو روح الصلاة، والخشوع ما هو إلا توجه باطني مع تواضع، وعلى هذا يتبيّن أن المؤمنين لا ينظرون إلى الصلاة كجسم بلا روح، بل إن جميع توجههم إلى حقيقة الصلاة وباطنها، وهناك عدد كبير من الناس يتمني بشوق بالغ أن يكون خاشعا في صلاته، إلا أنه لا يتمكن من تحقيق ذلك، ولتحقيق الخشوع والتوجه التام إلى الله في الصلاة وفي سائر العبادات، أوصي بتحصيل معرفة تجعل الدنيا في عين المرء صغيرة تافهة، وتجعل الله كبيرا عظيما، حتى لا تشغله الدنيا بما فيها عن الذوبان في الله عند مناجاته وعبادته، والإهتمام بالامور المختلفة يمنع الإنسان من تركيز أفكاره وحواسه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock