بقلم / محمـــد الدكـــروري
ان من اهم خصائص الحضارة الاسلامية هو الإنصاف والمساواة بين الناس دون النظر إلى ألوانهم أوأجناسهم، بعد أن أعلن القرآن مبدأ المساواة فقال تعالي “إن أكرمكم عند الله أتقاكم” فقل الحق ولو على نفسك كى تصل إلى طوق النجاة من هلاك نفسك وهلاك أمتك من قول الباطل، فما أسهل الكلام في حياة الناس اليوم فى الشارع والمنتديات وعلى المنابر وفي وسائل الإعلام وفى الفضائيات, وعبر الإنترنت والصحف وفى الدواوين وفى المناسبات والمحافل والاجتماعات, الكل يتكلم ويتحدث فى كثير من أمور الحياة, ولكننا اليوم وفى كثير من مجالات الحياة أصبحنا نفتقد كلمة الحق.
فلا تكاد تجد بين هذا الكم الهائل من الكلام كلمة الحق وقول الحق, وأصبح الكذب والنفاق والمجاملة وطمس للوقائع وتزوير الحقائق وتحريف الكلم عن مواضعه هو لغة العصر وشعار الزمان عند كثير من أبناء هذه الأمة, رجالا ونساء إلا من رحم الله, الأمر الذى أدى إلى ضياع الكثير من القيم والأخلاق, وبسبب ذلك ساءت الكثير من العلاقات الاجتماعية, وضاعت الكثير من الحقوق وحدث الظلم بأبشع صورة، وتعلمت الأجيال الخوف والجبن وتجرعت ثقافة الخنوع والضعف والاستكانة, وتسلط العدو وغيرها من المساوئ، فأين كلمة الحق على مستوى البيت والوظيفة؟ وأين كلمة الحق فى مؤسساتنا وإعلامنا ؟
لماذا أصبحت كلمة الحق مفقودة فى حياتنا؟ ولماذا أصبح الكثير يتاجر بكلمة الحق ولو على حساب دينه وقيمه وأخلاقه ووطنه وأمته؟ ولقد أمرنا الله تعالى بالحق وقول الحق وبين فى كتابه أن الحق قامت به السموات والأرض وأنه لا ينفع غير الحق وأن الباطل إلى زوال، وكلمة الحق المطلوب قولها هي الكلام الحقيقي الصادق الذي ينفع الله به بلا مجاملة أو نفاق أو رياء, وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن كلمة الحق وقول الحق من أعظم الجهاد فى سبيل الله وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم قول كلمة الحق، في الرضا والغضب، فقد ثبت في الحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم، فى دعائه.
“اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق، أحينى ما كانت الحياة خير لى، وتوفنى إذا كانت الوفاة خيرا لى، اللهم إني أسألك خشيتك فى الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الحق في الغضب والرضا، وأسألك القصد في الفقر والغنى، وأسألك نعيما لا ينفذ، وأسألك قرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضا بعد القضاء، وبرد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم، والشوق إلى لقائك، من غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين” رواه النسائي والحاكم، وإن المتاجرة بكلمة الحق والعدول عنها إلى الباطل والنفاق والمجاملة ليست من سلوكيات المسلمين، ولا من صفاتهم.
وإنما هى صفات أمم غضب الله عليها، ولعنها من المجرمين, وإن واقعنا اليوم يشهد بأن هناك خلل وضعف وتهرب من قول كلمة الحق, بل هناك من يتاجر بها فسفكت الدماء فى بلاد المسلمين وانتهكت الأموال والأعراض, وحدث الشقاق والنزاع وحدث الخلافات بين أفراد هذه الأمة, واستطال المسلم في عرض أخيه وماله ودمه, وبهذا السلوك تم تبرير ظلم الظلمة وتجبر الطغاة وتغييب الحق والعدل, ولماذا يلجأ المرء إلى المتاجرة بكلمة الحق والسكوت عن قولها, هل خوفا من الموت وطلبا للحياة؟ فأنها بيد الله تعالى, أم من أجل حفنة من المال؟ أم طمع في منصب أو جاه؟ فإن ما عند الله خير وأبقى.
زر الذهاب إلى الأعلى