مقالات

إنسان مع العالم الآخر (٣) الأميرة

بقلم: عبد الحميد أحمد حمودة

كان يومًا لطيفًا للغاية ويبدو أنه نشيط وحيوي، التقى بأصدقائه وبقي معهم لوقت متأخر.
عاد إلى بيته للراحة والنوم، جلس فترة، ثم دخل غرفته لينام، وبين اليقظة والنوم رأى طيفًا أبيضًا أمامه، انتبه إليه واستيقظ متفاجئًا بما رآه.
الطيف يمر أمامه مرة أخرى بسرعة البرق، ينظر حوله ولا يجد شيئًا، بدأ يشعر بثقل في أذنيه، ثم أصوات خافتة فيهما، وكان مندهشا ولا يعرف ما يحدث له.
فجأة سمع صوت امرأة تتحدث إليه قائلة:
لا تخف نحن معك.
قال:
مَن أنتم؟
قالت:
أنا وأخي أمراء من الجان.
قال:
ماذا تريدون مني؟
قالت:
نساعدك، إننا نحبك ونريد البقاء معك.
قال:
ما هي المساعدة التي أحصل عليها منكم؟
قالت:
تحلى بالصبر ولا تتعجل، ستعرف كل شيء في الوقت المناسب عندما تكون جاهزًا.
قال:
متى هذا؟
قالت:
أولاً أنت على استعداد لرؤيتنا، ورؤية عالمنا؟
قال:
نعم أنا جاهز لهذا.
قالت:
ليس الأمر سهلاً، كما تقول، إنه يعتمد على طاقتك الروحانية.
قال:
كيف لنا أن نعرف هذا؟
قالت:
لقد قمنا بإعدادك منذ فترة وبالفعل أنت في استجابة قوية وسوف ترانا قريبًا.
قال:
لماذا تتصلون بي دائما؟
قالت:
هذا هو الحب
وجلس يسأل عن أشياء كثيرة فأجابت عليه حتى تعب ونام دون أن يدرك، استيقظ في وقت متأخر من الصباح متعبًا، توضأ، وصلى، وقرأ ما تيسر له من القرآن، وبدأ يسأل عنها في نفسه ولم يجبه أحد.
أمضى اليوم في المنزل حتى غروب الشمس وخرج من منزله للقاء بعض أصدقائه.
جلس معهم وبدؤوا يتحدثون عندما سألوه عن أحواله قال:
حدث لي شيء غريب الليلة الماضية.
قالوا:
ماذا حدث معك.
سكت لحظة، وشعر بهزة في جسده وصوت في أذنه قال له:
لا تخبر أحدا عنا ولا تتحدث مع أحد عنا وعما حدث وما يحدث معك.
قال:
جلست في الليل ولم أكن أعرف كيف أنام من التعب حتى الصباح.
سهر مع أصدقائه، ثم ذهب إلى منزله ودخل غرفته يفكر أن الصوت الذي سمعه هو صوت رجل وليس امرأة.
فجأة سمع صوتها تقول له:
ألم أقل لك إني أنا وأخي معك، وضحكت.
قال:
لم يجبني أحد هذا الصباح؟
قالت:
كنا مشغولَين في مملكتنا، أطفئ الأنوار في الغرفة واجلس وركز بعينيك أمامك ولا تخف.
نهض وأطفأ الأنوار في الغرفة دون تردد وجلس ونظر أمامه.
فجأة قال:
أشعر بقلبي ينبض بسرعة وأنفاسي ترتفع
قالت:
لا تخف وانظر للأمام
وفجأة قال:
ظهرت أمامي نقطة كنجمة تتألق وتنمو، تدور حول الغرفة وتقف أمامي مرة أخرى، تشكلت في رسم عيون جميلة، بدأت ملامح وجه امرأة تظهر أمامي، ابتسمت لي.
قالت:
أنا أمامك الآن، انظر جيدًا إلي لرؤيتي.
نظر إليها جيدًا، وبدأت تتشكل أمامه في صورة كاملة، ورأى فتاة جميلة جدًا، وجهها أبيض، وعيناها خضراوان، وشعرها أصفر، وكانت ترتدي ثيابًا بيضاء.
فجأة ظهر اخيها بجانبها، مرتديا ثيابا بيضاء، وشعرا أصفر، وعينين خضراء، ينظر إليه مبتسما، فقال له:
-الآن ترانا بوضوح
قال:
-نعم، لكني أراك كما لو كنت في مكان آخر وليس أمامي
قال له:
-نعم، ترانا ونحن في مملكتنا وليس معك.
فجأة ظهر حولهما أسدان، وجلس الأمير على كرسيه والأسدان من حوله، ولم يرى الأميرة أمامه.
وفجأة شعر بها خلفه وهي تضع يديها على كتفيه، وقالت له:
-الآن ترانا كما نراك، مرحبا بك في عالمنا.
تحدثا معًا عن أشياء كثيرة حتى تعب ونام، وعندما استيقظ وجدها جالسة بجانبه على وسادته، وكان حجمها صغيرًا جدًا، قام من الفراش وتوضأ، وصلى، وتلا ما تيسر له من القرآن، وخرج إلى بستان البيت، ليتفاجأ برؤية أشياء لم يرها من قبل.
وقف ينظر ويتأمل ما رآه وهو في حالة ذهول، وفجأة اتجهت عيناه إلى امرأة جميلة في الأربعين من عمرها جالسة تحت شجرة تنظر إليه، شغلت عقله وهي تنظر إليه ولا تتكلم كأنها حزينة، حاول الاقتراب منها والتحدث معها، لكن الأميرة منعته وقالت:
-ماذا تريد منها.
قال:
-لا أعرف، لكنها جذبتني إليها.
قالت له:
-دعنا نبتعد من هنا.
خرج من منزله ليمشي خارجًا قليلًا بينما كان في طريقه، فوجئ برؤية ما تخفيه الأرض بداخلها، من طبقات وأحجار وأشياء مدفونة من معادن وذهب، وهي تصف له وتخبره بما يراه ومتى دفن وكيفية استخراجه.
عاد إلى المنزل بعد قضاء اليوم في الخارج، وذهب إلى غرفته ليكون بمفرده معهم،
وجلس معهم وكان لديهم الكثير من المرح، وكانوا يحبون اللعب والمزاح.
فجأة دخلت عاصفة من الهواء الشديد الغرفة، فاهتز الأمير والأميرة، وإذا الأميرة لؤلؤة كانت واقفة في منتصف الغرفة، بيدها رمح وترتدي ملابس قتالية، وقف الأمير أمامها وهم على وشك الاشتباك مع بعضهما البعض، وخلف كل منهما ظهر العديد من الجنود يستعدون للحرب.
بينما كان واقفًا ينظر إليهما، كانت الأميرة الشابة خلفه ووقفت أمامه وقالت:
-ابتعد عنهم واتركهما معًا.
قال:
-ماذا يحدث ولماذا يريدان محاربة بعضهما البعض؟
قالت له:
-لا تتدخل، اتركهما وشأنهما.
فجأة ظهر الأمير المحارب في ثوبه الأبيض ونظر إلى الاثنين، انفصلا بعيدًا جدًا عن بعضهما البعض كما لو كانا في طريقهما إلى الاختفاء.
حاول التحدث معه، لكنه لم ينظر إليه وذهب، نظر حوله ولم يجد الأميرة الشابة، والآخرين أيضا، وشعر بالهدوء في المكان، ولم يرى أو يسمع أحدا منهم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock