دين ودنيا

الدكرورى يكتب عن الإنسان والتنمية البشرية

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن من أكبر وأخطر أنواع الفساد الذي نعيشه في عصرنا هذا هو الفساد الإداري وذلك بتقديم ذوي الحسب أو الثقة أو صاحب المصلحة على الكفاءات في شتى مجالات المجتمع وهذا بلا شك يؤدي إلى فساد القوم وقد سُئل الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه, ما يفسد أمر القوم يا أمير المؤمنين ؟ قال “ثلاثة، وضع الصغير مكان الكبير، وضع الجاهل مكان العالم، وضع التابع في القيادة” وإن علاج ظاهرة الفساد والقضاء على هذه الظاهرة وسبل مواجهتها ينحصر في ثلاثة أمور رئيسية وهى التوجيه والإرشاد بخطر الفساد وعاقبة المفسدين، وذلك بكثرة التوعية والندوات عن طريق الدعاة والإعلام المرئي والمسموع والمقروء، ومراكز الشباب والأمسيات الدينية والخطب والدروس، والمحاضرات وشبكة المعلومات الدولية، وجميع وسائل الاتصال الحديثة.

بهدف توضيح مخاطر الفساد على المستوى الثقافي والديني والاجتماعي والاقتصادي مع بيان أن جريمة الفساد إنما هي مخالفة صريحة للأوامر الإلهية ولما جاء بكتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم, وبيان أن ذلك دليل على ضعف الوازع الدينى لدى الفاسد والمفسد, ولهذا فإن الإسلام يعمل على تنمية وتقوية الوازع الدينى لدى كل أفراد المجتمع حتى يكون الوازع الدينى هو الذى يمنع المرء من ممارسة الفساد وارتكاب جرائمه، وكذلك تربية النشء على المبادئ الإسلامية، وإن دورات التنمية البشرية عنوان جذاب وجيد ومجمل يشمل ما هو نافع مفيد مع ما هو باطنى خطير المنهج فاسد الطريقة، فكلمة التنمية البشرية تدل على تطوير المهارات وتنمية جوانب الشخصية ونحو ذلك مما هو مطلب حضارى ملح كالدورات المتعلقة بالجوانب الإدارية ومنها التخطيط للحياة ورسم الأهداف.

وإدارة الوقت ونحو ذلك، والدورات المتعلقة بالجوانب الاجتماعية، ومنها دورات تربية الأبناء وفنون العلاقات الأسرية، والدورات المتعلقة بالمهارات كدورات فنون الحوار والاتصال والإلقاء، ومنها ما هو متعلق بالجوانب النفسية كتنمية الإيجابية والشجاعة الأدبية ونحو ذلك، إلا أن غالب دورات التنمية البشرية في الآونة الأخيرة تلك الدورات التي تجمع شيئا من المطلوب المذكور مع كثير من الفلسفة والمغالطات العلمية والفرضيات والنظريات العلمية الخاطئة مع الطرق الباطنية وربما الطقوس الوثنية كدورات البرمجة اللغوية العصبية بمختلف أسمائها وتلوناتها من هندسة نفسية، استراتيجيات العقل، وغيرها وكذلك دورات الطاقة البشرية وتشمل الريكى والشي كونغ والقراءة التصويرية وطاقة الألوان وغيرها كثير، وجميع هذه الدورات تلبس رداء التنمية البشرية زيفا وهى المقصودة بالتحذير فى هذا الموقع فقد أفسدت في واقع شباب الأمة.

وكثير ممن ظاهرهم الخير فيها وأخذتهم بعيدا عن منهج الحياة الصحيح، وربما كان أصل تسميتها التنمية البشرية دال على أصلها الذي انبثقت عنه من حركة القدرات البشرية الكامنة التي خرجت في الغرب من أجل تعظيم الإنسان وتدريبه للاستغناء عن الإله وعن الحاجة لاستمداد العون منه، فينبغى الحذر منها وتحذير الشباب لكون بريقها ومستوياتها الأولى مبهرجة غير ظاهرة المخاطر، للأغرار ومن ثم تشكل طعما خطيرا يجرفهم في متاهات فكرية ولوثات عقدية كثيرة، وأما قضية ربطها بالكتاب والسنة فهذه مسألة أخرى أشد خطرا لكونها تغطي فلسفاتها الباطلة بستار من الأدلة يغطي الحقيقة ويريد الفتنة والتلبيس، أسأل الله العظيم أن يحمي شبابنا منها، وقد سبق لنا بيان أن ما يعرف بعلم التنمية البشرية، فيه ما هو نافع مفيد، كالدورات المتعلقة بالتخطيط للحياة ورسم الأهداف وإدارة الوقت، ودورات تربية الأبناء وفنون العلاقات الأسرية.

ودورات فنون الحوار والاتصال والإلقاء، ونحو ذلك، وفيه ما هو خطير المنهج فاسد الطريقة من الجهة الشرعية، كالجوانب المبنية على مغالطات الفلسفة والفرضيات والنظريات الخاطئة، مع الطرق الباطنية وربما الطقوس الوثنية، ونحو ذلك، وأن النصيحه هنا هو ألا تطلقوا الأحكام الشرعية مباشرة على الأسماء والألقاب المجملة، التي يدخل في مضمونها العديد من التصورات والأفكار والنظريات، وتنتشر مفرداتها على مساحة واسعة من التنوع والتعدد، وفي هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ” وإنما تقع الشبهة لأن أكثر الناس لا يفهمون حقيقة قولهم وقصدهم، لما فيه من الألفاظ المجملة والمشتركة، بل وهم أيضا لا يفهمون حقيقة ما يقصدونه ويقولونه، ويقول أيضا وأما الألفاظ المجملة فالكلام فيها بالنفى والإثبات، دون الاستفصال فهو يوقع في الجهل والضلال، والفتن والخبال، والقيل والقال، وقد قيل أن أكثر اختلاف العقلاء من جهة اشتراك الأسماء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock