أدب وشعر
وَشْــــــمٌ …

وَشْــــــمٌ …
للشاعر.عباس محمود عامر
“مصر”
وَطَنٌُ صَاحَ
يسْتوْشِمُ الرُّؤْيَا
في كُلِّ نوَاحِي الجَسَدْ
الوَشْمُ غَدَا مَوْطِنَا للأَلَمْ ,
والحُلْمُ
طِفْلٌ في المَهْدِ تُعَاودُه
نَوْبَة للهَزَلْ
لمْ يُطَالِعْهُ في المَشْفَى أَهْلُ الحِكْمَةْ
لمْ تسْأَلْ عنْه تذْكَرَةٌ للزِيَارةِ
في يَومٍ مِنْ أَحَدْ ..
…………………..
الشَّمْسُ في البَدْءِ غَابَتْ
عَادَتْ في عَيْنَيْهَا رَمَدٌ
مَاجَتْ الأَرْضُ في صَخبٍ
كَانتْ تَأْمَلُهَا صَدْرَاً
يخْفِضُ أجْنِحَةَ الدِّفْءِ
في الزَّمْهَرِيرِ القَارِسْ
خَرجَتْ مِنْ مَدَارٍ في جَوْلةٍ للرِّيحِ
رَأتْ غَضَبَ اللهِ في المُدنِ الآمِنَةْ
أبْرَقَتْ حَارِقَةْ
تَسْرِي بَيْنَ خُطُوطِ الوَشْمِ
صَبَابَاتُ القَيْظْ
تطْهِينِي في أوْعِيَةِ الغَلَيَانْ
عبْرَ الأزْمِنَةِ الرَّمْضَاءْ
أسْتجْدِي أىَّ مُتَاحٍ
مِنْ مَاءِ الرَّوَاح
في كُلِّ مَحَطٍّ
تبَخَّرَ فِيهِ دَمِي بيْنَ أدْخِنَةِ القَاطِرَةْ
رَحْمَةَ الصَّمْتِ في سَفَرِي
لمْ أَجِدْ ..!!
………………………….
لمْ أمْلُكْ
لمْ أمْلُكْ قَدَرَاً
يمْحُو سُطورَ الرِّطَانِ الجَائِرْ
الأيَادِي حُرُوفٌ يَائِسَةٌ
جَزَمَتْهَا السُّكونْ ،
والجُيُوبُ دِيَارٌ خَاوِيةٌ
تسْكُنُهَا حِدْآنٌ
عشَقَتْ في الخَوَاءِ لِحَاءَ اللَّيْلْ /
تلْتَفُّ بأَحْزِمَةٍ مِنْ شهَابِ النَّيَازِكِ/
تخْطَفُ مَرْكَبَةً في الفضَاءِ
لتَغْتَالَ الشَّمسْ ..
أفْوَاهُ الظُّلْمَةِ فَاغِرَةٌ
تنْفِثُ أوْبِئَةَ العَتْمَةِ
في أفْئِدَةِ الأنْجُمْ
تلْعَقُ لُبَّ الضَّوءِ ،
فتَاهَتْ في المَسْرَى الأقْدَامْ ،
والأقْدَامُ حَافِيةٌ
فقَدَتْ نَعْلَهَا
عنْدَ بَابِ المسْجِدْ ,
فَالتَّرجُّلُ في الطُّرُقَاتِ هِرُوبٌ /
سَرَابٌ يصْعَقَهُ
لمْ يشْفَعْ فِرَارُ القَفْزِ المَدِيدِ
عَلَى الأسْفَلتِ القَائِظْ ،
فالرُّوحُ مُكَبَلَةٌ بالمَسَدْ ..
……………………….
كُنَّا
نسْتَجْدِي الشَّمْسَ بوَشْمِ الحُلمْ
قَدْ تَحْنُو علَيْنَا
قَدْ تُدَاوِي هيَاكِلَنَا النَّاخِرَةْ ..
بأَشِعَّتِهَا الذَّهَبِيَّةِ
حَوْلَ السِّيْقَانِ تُبَاغِتُنَا ،
فتُلامِسُنَا بحَرِيرٍ صِنَاعيٍّ ،
وتُخَاتِلُنَا حَيَّةٌ مَاكِرَةْ ،
فالشَّمْسُ تُصَافِحُ كَفَّ الزَّبَدْ .. !!
…………………………..
ـ هلْ يحْنُو عليْنِا المَطَرْ
ليُزِيلَ مدَادَ الوَشْمِ الفَاسِدِ
في أذْرُعٍ نَافِرَةْ .. ؟
ـ هلْ يُصْبحُ مثْلَ الجُرْحِ البَائِدِ
في طُوفَانِ المَاءْ
مِنْ نوَافِيرٍ بَاهِرَةْ .. ؟
أخْشَى
أخْشَى أنْ يجْرِفَنَا الطُّوفَانُ
إلى وَحْلٍ نتصَارَعُ فِيهِ /
نسَّاقطُ مثْلَ ورَيْقَاتٍ
في نَعِيبِ خَرِيفٍ
تحْتَ أحْذِيةِ السُّفهَاءْ ..
ـ أتَرَى يَوْمَاً تنْتَهِي الغَابِرَةْ .. ؟
ـ أمْ نَفْقدُ أُمَّاً تَأْوِينَا
للأَبَدْ .. ؟