بقلم د/ شيرين العدوي
وصف الله نفسه بالنور فقال: }الله نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي الله لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ الله الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَالله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} فما المقصود بالنور؟! إنه الخير المطلق ولقد ضرب لنا الله المثل لنستوعبه. وطبقا لكتب التفسير فالمعنى: أن الله ينور الكون في إشارة إلى أحكامه التي نزلت في كتبه السماوية. وقد أشار الشيخ الشعراوي في تفسيره بأن الله حينما ينزل أحكامه يجب أن ننصاع لها؛ لأنه الخير المطلق. خالق الإنسان وأدري بصنيعته. ودلل على اجتهاد الناس في وجود الحكم الإلهي بالمصابيح التي لا حاجة لنا بها في وجود الشمس.ومن أحكام الله الواضحة حكم القتل العمد؛ حيث يقول في محكم آياته: “ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جنهم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما”، “من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا”، “ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون”. فالحالة الوحيدة التي يُقتَل فيها الإنسان هي القصاص بقتل النفس بالنفس.
وأخرج من الآيات السابقة لأتساءل: ما المقصود بعمال النور؟.
عمال النور أشخاص عاديون جبلوا على الخير فهو مطوي في نفوسهم، أصيل في سجيتهم مهما حاول عمال الشيطان أن يخرجوهم عن جادته؛ يطبقون أحكام الله ويقيمون العدل، يمتلكون الحكمة من صغرهم، ويسارعون للخيرات دون أجر أو شكر كسيدنا موسى حينما سقى لامرأتين تذودان، ثم تولى إلى الظل.غالبا ما يقابلهم عقبات وكوارث في حياتهم فيحمدون ويصبرون. وصفهم الله فقال: “وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) فهم الذين صُهروا بالتجربة، فتأدبوا مع الله بالحمد، يخجلون من القنوط،ولو دخلوا في غفلة لطبيعتهم البشرية سرعان ما يرجعون فيتوبون. يتبعون النور إذا لاح، ولا يعودون للظلام أبدا. وصفهم الله بأنهم أشداء على الكفار، رحماء بينهم. والكفر في معناه اللغوي: ستر الحقيقة مع اليقين بها. يفعلون ذلك تكبرا واستعلاء فهم عمال الشيطان الذين يقلبون الحق باطلا، والباطل حقا. لقد عاث عمال الشيطان فسادا في مصر من عدة أسابيع؛ حيث ابتلينا بعدة حوادث من أبشعها: حادثة نيرة أشرف التي ذبحت في وضح النهار على مرأى ومسمع من الجميع، وحادثة شيماء جمال المغدور بها. وقد تعامل مجتمع السوشيال ميديا مع الحادثتين بقسوة لا يمتلكها الشيطان نفسه؛ فخاضوا في الأعراض ونصروا القتلة، وتعاملوا مع قرارات القاضي كالمرجفين الذين يسعون في الأرض فسادا لا لشيء سوى لنفس جبلت على الحقد والتشويه، ينتقمون من المجتمع ثم يقولون: إنما نحن مصلحون. ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون. في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا. فإذا كنا نربي الرأي العام عبر السوشيال ميديا فلابد من وقفة مع النفس والمجتمع والإعلام .
زر الذهاب إلى الأعلى