مقالات

الدكروري يكتب ندم السارق يوم تقوم الساعة

 
بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن التربية والتعليم من المبادئ والمهمات الأساسية التي اهتم بها الإسلام ودعا إليها، حيث يمكن بواسطتهما بناء بنيان راسخ وقوي للأمة، فالتربية هي تنمية سلوك الفرد وترقيه نحو القيم العليا، وإن التربية الإسلامية هى المنهج الواضح الذي رسمه القرآن الكريم والسنة النبوية، وتتكفل برعاية الإنسان من حيث البدن والعقل والروح، وقد تعددت تعريفات العلماء للتربية الإسلامية، ومنها تعريفها بأنها تحضير الإنسان للحياة في الدنيا والآخرة، ومن تعريفاتها أنها المفاهيم المترابطة التي تنضبط بفكر وأساس واحد وتعتمد على مبادئ وأخلاق الإسلام، ويقول صلى الله عليه وسلم “لو أن رجلا اشترى ثوبا بعشرة دراهم، وكان فيهم دراهم حرام، لم يقبل الله تعالى منه عملا حتى يؤديه إلى أهله” وقال صلى الله عليه وسلم “لو أن أصحاب المال الحرام استشهدوا في سبيل الله تعالى سبعين مرة لم تكن الشهادة لهم توبة، وتوبة الحرام رده إلى أربابه، والاستحلال منهم”

وقال صلى الله عليه وسلم “من أكل الحلال أربعين يوما، نور الله تعالى قلبه، وأجرى ينابيع الحكمة على لسانه، ويهديه الله في الدنيا والآخرة” وقال الله تعالى لموسى عليه السلام إن أردت أن تدعوني، فصن بطنك عن الحرام، وقل يا ذا المن القديم، والفضل العميم، يا ذا الرحمة الواسعة، فأنى أجيبك فيما سألتني” وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما “لو صمتم حتى تكونوا كالحنايا، وصليتم حتى تكونوا كالأوتار، لم يقبل منكم إلا بورع حاجز” وأخبر النبي صلي الله عليه وسلم أن السارق عند سرقته لا يكون مؤمنا، يرتفع منه الإيمان لا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ومن السرقات العظيمة السرقة من الأراضي، تغيير العلامات ليسرق من الأرض، ويضيف ما ليس من حقه في حقه، يدخله فيه، قال صلي الله عليه وسلم “ومن سرق من الأرض شبرا” شبرا واحدا يأخذه الرجل من أرض جاره، شبرا واحدا.

“ومن سرق من الأرض شبرا طوقه يوم القيامة من سبع أرضين” هذا الشبر اضرب في عمق سبع أرضين ويجعل حول عنق السارق يوم القيامة، كيف يحمله؟ كيف يطيقه؟ هكذا هو حاله يوم القيامة، وكذلك روى مسلم رحمه الله عن ندم السارق يوم تقوم الساعة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم تقيء الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوانتخرج الأرض كل ما فيها من الكنوز، والأموال من الذهب والفضة التي هي سبب تقاتل الناس وشجعهم، وسرقتهم واعتداء بعضهم على بعض، وقطعهم أرحامهم تقيء الأرضإذن يوم القيامة تقيء الأرض، أفلاذ كبدها أمثال الأسطوان من الذهب والفضة، فيجيء القاتل، فيقول في هذا قتلت، ويجيء القاطع، فيقول في هذا قطعت رحمي، ويجيء السارق فيقول في هذا قطعت يدي، ثم يدعونه فلا يأخذون منه شيئا، فإن الأمر جد خطير، وإن هذه الجريمة التي ترتكب من قبل كثير من الناس.

في اعتدائهم على الأموال العامة، والسيارات والبيوت، والمخازن والأسواق، والحقائب والأموال، إنها جريمة عظيمة، ولا ننسى أن نذكر حديث النبي صلي الله عليه وسلم في أسوأ الناس سرقة الذي يسرق صلاته لا يتم ركوعها، ولا سجودها، وإن السارق عنصر فاسد في المجتمع، فإذا ترك صار فساده في جسم الأمة، فلا بد من حسمه بالحد، تلك اليد الظالمة التي امتدت إلى ما لا يجوز لها الامتداد إليه، الهاتمة الباغية التي تأخذ ولا تعطي لا بد من قطعها، إن السرقة التي عرفها العلماء بقولهم أخذ المال على وجه الاختفاء من مالكه، لها شروط إذا توافرت في السارق والمسروق منه، مثل أن يكون معصوما، ولا شبهة للآخذ منه، وكان المال المأخوذ قد بلغ النصاب، وأخذ من حرز، ولم تكن هناك مجاعة، وكان الأخذ على وجه الخفية ولذلك المغتصب والمنتهب على عظم الجريمة لا يقطعان، لكن يؤدبان بالتأديب البالغ، إذا توافرت الشروط قطعت يد السارق.

قال ابن القيم رحمه الله “إنما قطع السارق دون المنتهب والمغتصب لأنه لا يمكن التحرز منه، والغاصب يمكن أن تخفي مالك عنه، وكذلك المنتهب الذي يأخذه عيانا أما السارق فإنه ينقب الدور، ويهتك الحرز، ويكسر القفل، فلو لم يشرع قطعه لسرق الناس بعضهم بعضا، وعظم الضرر، واشتدت المحنة، ولكن المنتهب والمغتصب يُكف عدوانهم بالضرب والنكال، والسجن الطويل، والعقوبة الرادعة كما ذكر العلماء، فإذا كان المسروق مالا محترما ليس محرما كآلة اللهو والخمر، والخنزير والميتة، وكذلك المالك محترما ليس كافرا حربيا، فإنه حلال الدم والمال، وكذلك كان المسروق نصابه ثلاثة دراهم إسلامية، أو ربع دينار إسلامي، أو ما يقابلها، فإن اليد تقطع بتوافر الشروط، وتقطع يد السارق في ربع دينار مع أن دية اليد في الشريعة خمسمائة دينار لأنها لما كانت أمينة كانت ثمينة، لما خانت هانت ولذلك لما اعترض بعض الملاحدة على حد السرقة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock