بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن رحمات الله تعالي وبركاته وكرمه على عباده جعلت فعل الخيرات من الصدقات، وجعل صلاة ركعتي الضحى تعدل جزء كبير من المطلوب الكبير من الصدقات، وسدادا للدين الواقع عليك في صبيحة كل يوم، وما سداد هذا الدين إلا من فعل الخيرات الذي تؤجر عليه، فافعلوا الخير مهما دق في أعينكم، ومهما قل أو صغر عندكم، فإنه عند الكريم سبحانه وتعالى مضاعف كبير، يجزيك ربك بأحسن منه، وإياك ثم إياك أن يُلبّس عليك الشيطان، وأن تلبس عليك نفسك الأمارة بأن هذا العمل صغير، وهذا الخير قليل لا داعي لعمله لأنه لا أجر كبيرا عليه، بل افعل الخير مهما قلّ، كما ينصحك بذلك نبيك صلى الله عليه وسلم، واترك كتابة الأجر وتقدير الفضل لربك الكريم سبحانه، فقد قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح “من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، فإن الله يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فَلوّه حتى تكون مثل الجبل”
ومن فعل الخيرات أيضا، هو ذهابك الى المسجد، ومن فعل الخيرات، الإحسان إلى الإنسان، والإحسان حتى إلى الحيوان، فإن الله لا يضع أجر من أحسن عملا، فقد تقدم خيرا وإحسانا إلى إنسان أو حيوان فيكون سببا في أن يحلّ عليك رضوان الله، وقد يعمل المؤمن خيرا يسيرا سهلا لا يظن أنه سيبلغ به المنازل العليا، ولكنه يبلغ به بفضل الله وكرمه، فإن الخير هو اسم شامل لكل ما ينتفع به المرء عاجلا أو آجلا، والخير نسبي منه ما يقابل الشر، ومنه ما يقابل خيرا آخر لكونه أفضل منه، ويعتبر العمل الخيرى في الإسلام من أهم الأعمال شأنه شأن باقي الأمور التي يقوم بها المسلم، لأنه عمل يتقرب به المسلم إلى الله وهو جزء من العبادة، وقد أكثر الله سبحانه وتعالى، من الدعوة إلى الخير، وجعله أحد عناصر الفلاح والفوز، كما أمر سبحانه وتعالى بالدعوة إلى فعل الخيرات إضافة إلى فعله، ونجد كذلك في القرآن الكريم ربطا بين الصلاة وإطعام المساكين.
وروى ابن ماجة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “إن هذا الخير خزائن، ولهذه الخزائن مفاتيح، فطوبى لعبد جعله الله مفتاحاً للخير، مغلاقا للشر، وويل لعبد جعله الله مفتاحا للشر مغلاقا للخير” وإن الله تعالى يوازن بين مباهج الدنيا ومفاتنها، وبين المثل العليا والاتصاف بالمكارم، ويبين أن الفضائل أبقى أثرا وأعظم ذخرا، وأجدر باهتمام الإنسان، وخير له في الدنيا والآخرة، وإن فعل الخير عنوان للإيمان الصحيح والعقيدة السليمة، والفطرة السليمة تهتدي إلى الخير وتشعر به، لأن الإنسان مفطور على البر والخير، وفعل الخير الزاد الحقيقي الذي ينفع الإنسان في يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم، ولقد جلس النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم مع أصحابه فسألهم سؤالا دون سابق إخبار فقال لهم “من أصبحَ منكم اليوم صائما؟ قال أبو بكر الصديق أنا، قال “فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر أنا، قال “فمن أطعم منكم اليوم مسكينا؟
قال أبو بكر أنا، قال “فمن عاد منكم اليوم مريضا؟ قال أبو بكر أنا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما اجتمعن في رجل إلا دخل الجنة” رواه مسلم، وعن اسامه بن زيد رضى الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء” رواه الترمذي وابن ماجه، ولذلك سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم” حبائل الشيطان ” وإن المال أيضا يعتبر مادة الشهوات، فلذلك المؤمن يحصن نفسه من هذين الخطرين الشديدين، المرأة والمال، وإن للثياب وظيفتان وهما الستر والتزين، وإن قول الله عز و جل فى سورة الأعراف ” يا بنى آدم لا يفتتنكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما” وقوله عز و جل فى سورة الأعراف ” يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا” ويوضح الله عز و جل فى هاتين الآيتين أن للثياب وظيفتين، وظيفة الستر ووظيفة التزين.
فإذا انتقى الإنسان لونا جيدا لا مانع من ذلك، وإذا ارتدى ألوانا متناسبة لا مانع أيضا، وإن اختار ألوانا هادئة لا مانع أيضا، فضلا عن أن هذا الثوب يستر عورته، فإذا اجتهد في حسن اختيار اللون فهذا شيء غير محرم، فإنه يحقق هدف الزينة، فقد روى عن النبى صلى الله عليه وسلم عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، أن أحد أصحابه سأله، قلت يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال “احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك” قلت فإذا كان القوم بعضهم في بعض، قال “إن استطعت ألا يراها أحد فلا يرينها” قلت فإذا كان أحدنا خاليا، قال “فالله أحق أن يستحيا منه” رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه.
زر الذهاب إلى الأعلى