بقلم / محمـــد الدكـــروري
إنه يشهد المكان علي الإنسان، وأفضل مكان في الأرض يشهد، هو حجر أنزله الله تعالى من الجنة، فيقول النبي عليه الصلاة والسلام “الحجر الأسود والله ليبعثنه الله يوم القيامة، له عينان يُبصر بهما، وله أذنان يسمع بهما، وله لسان ينطق به، يشهد على كل من استلمه بحق” وبعد هؤلاء الشهود، وإذا بالعبد ينظر ويتأمل، فتأتي أعظم شهادة، ويأتي أعظم شهيد، فكفى بالله شهيدا، تأتي شهادة الله، الذي اطلع على كل خافية منا، الذي علم ما قدمنا وما أخرنا، الذي ما غابت عنه غائبة الصدور، الذي علم ما في السرائر، وتجلى له ما في الضمائر، يأتي ربك سبحانه، لتبدأ شهادة الله، فيقول تعالي في سورة الأنعام ” قل أي شهادة أكبر قل الله شهيد بيني وبينكم” فماذا كنت تظن يوم أن قصّرت في الطاعة ؟
وماذا كنت تظن يوم أن أقدمت على المحرم ؟ أظننت أنك تستتر عن عين الله أفلا تتذكر هذا المقام، فكيف المقام بين يدي الله، وقد بدأت شهادة الله سبحانه، فإذا ما قال لي ربي أما استحييت تعصيني وتخفي الذنب عن عبدي وبالعصيان تأتيني فما قولي له لمّا يعاتبني ويقصيني؟ ولقد قال الحارث المحاسبي، المراقبة علم القلب بقرب الرب, وسئل الجنيد بم يستعان على غض البصر؟ قال بعلمك أن نظر الله إليك أسبق إلى ما تنظره” فعلينا أن نحسن العمل, ونراقب الله تبارك وتعالى في السر والعلن، فيقول تعالي كما جاء في سورة النساء ” ولله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله بكل شيء محيطا” فإذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل، خلوت ولكن قل على رقيب، ولا تحسبن الله يغفل ساعة.
ولا أن ما تخفيه عنه يغيب، ألم تري أن اليوم أسرع ذاهبا، وأن غدا للناظرين قريب، وبعد علم الله تبارك وتعالى المحيط بكل شيء, وشهادته علينا وكفى بالله شهيدا, إنه أعظم شهيد، وأقرب حفيظ، إنه الله تبارك وتعالى الذي هو معنا بعلمه وإحاطته حيث كنا فسبحانه وتعالي القائل في سورة الحديد ” وهو معكم أين ما كنتم” إنه الله الذي أحاط علما بكل شيء، فيقول تعالي في سورة يونس ” وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين” إنه الله تبارك وتعالى، الذي يقول في سورة الشعراء ” الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين”
إنه الله سبحانه وتعالى الذي يقول في سورة آل عمران ” لا يخفي عليه شيء في الأرض ولا في السماء” إنه الله تبارك وتعالى أعظم شهيد، الذي يقول في سورة فصلت ” أولم يكف بربك أنه علي كل شيء شهيد” ولقد ابتعث علينا ربنا تبارك وتعالى شهودا من أنفسنا لتكون أبلغ في الحجة فيقول رب العزة والجلال في محكم القرآن في سورة النور ” يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون” ويبين الله تبارك وتعالى لنا في هذه الآية الكريمة أن جوارح بني آدم سوف تشهد عليهم وتنطق بما عملوا واقترفوا, عملنا كذا فعلنا كذا, وقد أخرج الإمام مسلم رحمه الله في الصحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك فقال “هل تدرون مما أضحك؟
قال قلنا الله ورسوله أعلم قال من مخاطبة العبد ربه يقول يا رب ألم تجرني من الظلم؟ قال يقول بلى, قال فيقول فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهدا مني, قال فيقول كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا وبالكرام الكاتبين شهودا, قال فيختم على فيه فيقال لأركانه انطقي, قال فتنطق بأعماله, قال ثم يخلى بينه وبين الكلام, قال فيقول بعدا لكن وسحقا فعنكن كنت أناضل” فيا من تعصي خالقك ورازقك والمطلع عليك العالم بأحوالك وأعمالك ما حجتك في ذلك اليوم؟
زر الذهاب إلى الأعلى