الناس والمجتمع
الوفاء بين الزوجين سعادة في الدارين

بقلم/احمد قطب زايد
أَنَّ مَنْ نِعَمِ اللَّهِ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ اللَّهَ جَعَلَ لَنَا مِنْ أَنْفُسِنَا أزواجاً وَجَعَلَ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا بَنِينَ وَحَفَدَةً وهَذِهِ النِّعْمَةِ تَدُوم وَتَزْدَاد ويبارك الله تعالى فِيهَا إذَا كَانَ الرَّجُلُ وفياً لِزَوْجَتِه وَكَانَتْ الْمَرْأَةُ وفيَّة لِزَوْجِهَا وَلَن يَتَحَقَّق الْوَفَاء بَيْن الْأَزْوَاجِ إلَّا إذَا كَانَتْ هَذِهِ الْعَلَاقَة مُنْذُ البِدايَةِ سَلِيمَة وراسخة ، وَمِنْ عَلَامَاتِ وَفَاء الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا التَّضْحِيَة وَالصَّبْر وَعَدَم إفْشَاءِ سِرِّهِ فِي حَالِ غِيَابِه وَحُسْن تَرْبِيَة الْأَبْنَاء . فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ” وَحَفِظ السِّرّ لَا يَتَعَلَّقُ بِأَمْرِ مُعَيَّنٍ بَلْ هُوَ كُلُّ مَا يَخُصُّ الزَّوْج وَكُلُّ مَا هُوَ أَمَانَةٌ عِنْدَهَا لَهُ أَثْناءَ غِيابِهِ ، كَمَا أَنَّهَا مُطَالَبَةَ فِي حَالِ غِيَاب الزَّوْج بِأَنْ تَكُونَ وَفِيهِ لَهُ ؛ فَلَا تَعْمَلُ إلَّا مَا يُرْضِيهِ وَمَا كَانَتْ تَفْعَلُهُ فِي وُجُودِهِ . فَالزَّوْجَة الوفية لِزَوْجِهَا تَظَل عَلَى عَهْدِ الْحَبّ وَالْمَوَدَّة وَحُسْنُ الْعِشْرَةِ وَأَدَاءُ الْحُقُوقِ وَالْوَاجِبَات لِلزَّوْجِ فِي حَالِ شَبَابَة وَصِحَّتُه وَغِنَاه وَتُحَافِظُ عَلَى وُدَّه وَحُسْن مُعَاشَرَتِه ، فَإِذَا تَغَيَّرَت بِهِ الْحَالُ مِنْ صِحَّةِ إلَى مَرَضٍ أَوْ مِنْ شَبَابِ إلَى شَيْخُوخَة أَوْ مِنْ غَنَّى إلَى فَقْر فَلَا تَتَغَيَّرُ وَلَا تَنْتَقِص مِنْ دَوْرِهَا وحبها لَهُ بَلْ تَقِفُ إلَى جِوَارِهِ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ وَالْأَحْوَالِ والأزمات . وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى صَدَّقَهَا وأمانتها وَعِفَّتِهَا وَكَرَّم أَصْلِهَا وَحُسْن أخلاقها .
وَوَفَاء الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى رَجاحَة عَقْلِهَا وَصَدَق إيمَانُهَا وتأكيداً لمحبتها وتمسكها بِدِينِهَا وَعَمَلُهَا بِسُنَّة نَبِيِّهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَالزَّوْجَة الصَّالِحَة الوفية هِيَ الَّتِي تُعِينُ زَوْجِهَا عَلَى نَوَائِبِ الدَّهْرِ لَن تَتَخَلَّى عَنْه وَالسِّيرةِ النَّبويَّةِ زَاخِرَةٌ بالمواقف الدَّالَّةِ عَلَى حُبِّ وَوَفَاء النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ زَوْجَاتِه عَامَّة ، وَمَع زَوْجَتَهُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ خَدِيجَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا خَاصَّة ، لَقَدْ كَانَتْ مِثَالًا رَائِعا فِي صِدْقِ معونتها لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيَّ وَسَلَّم بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَالْمَال تحمّلت مَعَه الشَّدَائِد والمصاعب ، فَكَانَت نِعْم الْيَد الحانيّة عَلَيْه ، كَان يُعَامِلُهَا بِغَايَة الْإِحْسَان وَالْإِكْرَام وَالتَّقْدِير ، وَبَعْد مَوْتِهَا ظِلّ يَذْكُرْهَا وَيُثْنِيَ عَلَيْهَا وَيُعَدِّد فَضَائِلِهَا ، اخَى الزَّوْج الْفَاضِل أَنْت مُكَلَّف بِرِسَالَة شَاقَّةٍ فِي بِنَاءِ الْأَسِرَّة فَإِذَا مَا عَمِلْت جَاهِدًا لِتَأَدِّيه هَذِهِ الرِّسَالَةِ وَأَدَّيْت الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْك فَمِنْ حَقِّك أَنْ تَكُونَ زَوْجَتُكَ فِي قِمَّةٍ الْوَفَاء لَك ، يَقُولُ الشّاعِرُ فِي وَصْفِ الزَّوْجَة الوفية :
هَذِهِ الدُّنْيَا متاعٌ خيرُها الزوجُ الوفيّةْ
مَنْ إذَا ناديتُ لبّتْ تسرعُ الخطوَ رضيّةْ
بِسُمِّه الانسِ لَدَيها تجعلُ النفسَ هنيَّةْ
اللَّهُمّ ارْزُقَ كُلُّ زَوْج بِالزَّوْجَة الوفية الَّتِي تَصون وَتَحْفَظ أَوْلَادِه وَتَدْفَعُه لَتَجَاوَز الأزَمَات وَتَحْفَظَ مَالَهُ وَعَرْضُه .