مقالات

الدكروري يكتب عن إياكم وزنا المحارم ” جزء 2″

بقلم / محمــــد الدكــــروري

فإن البعد والغفلة عن تعاليم الإسلام وآدابه وأخلاقه السمحه، قد أوقع المسلمين فيما وقعوا فيه من تقاطع وتنافر، وتعكر صفو، وتعب في الحياة، وزنا بجميع أشكاله وألوانه ونسيان حتى في التفكير فيما يعود عليهم بالصالح في أمور دينهم ودنياهم، وإن من مآسينا في هذا الزمان، وفي ضمن دائرة الابتعاد التي ابتعدنا فيها عن الإسلام حيث يوجد هناك كثير من النقص، وكثير من العيب، ومن ضمنه هذه الأمور هو زنا المحارم، ونحن في هذا المقام لسنا في مقام تقرير الحد الشرعي فيمن زنى بامرأة من محارمه، وإنما في مقام الوقاية من ذلك الداء العضال وإذا نظرنا إلى أصل المشكلة نجده يكمن في التساهل في النظر إلى العورات ونظر الشهوة المحرم، فيجب عليك ألا تتبع النظرة النظرة ، فإن لك الأولى وعليك الثانية والخلوة المحرمة التي حظر منها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم فقال ” لا يخلون رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما ” وسئل النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عن الحمو الذي هو أخو الزوج فقال ” الحمو الموت ” 

وما يحصل من سكنى أخي الزوج مع أخيه في نفس البيت وتساهل الناس في الحجاب الشرعي ودخوله وخروجه حتى عند عدم وجود الزوج، وأيضا عدم السعي إلى إعفاف الابن أو البنت عن طريق الزواج الشرعي والصعوبات التي تقابل كلا الجنسين الرجل أو المرأة والتي أولها المهر وتاليها التقليد لما عليه الناس من الإسراف والإفراط، وقد شكا لي البعض من تحرش أحد أقاربه اللصيقين جدا بأخته، وشكت امرأة من محاولة تحرش أخيها بابنتها بل بالإبن بأمه بل بالأب وابنته، والولاية بين المسلمين فيما بينهم رجالا ونساء تجعل حرص المسلم على أخته المسلمة من الأعمال الصالحة التي يتقرب بها إلى الله عز وجل بل تدفع المسلم إن رأى مسلما ومسلمة تعدّيا حدود الله أن يقوم بواجب النصح لهما، امتثالا لقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ” الدين النصيحة ” وفيما يخص الوقاية من زنا المحارم فقد وضع الإسلام التدابير الوقائية التي تحمي المجتمع من الاقتراب منه. 

وتحول بينهم وبين الوقوع فيه وإننا عند طرحنا لهذا الموضوع المؤلم والذي يزعج الكثيرين ليس مقصودنا منه التسلية، ولكن مقصودنا أن نقف على الجرح، حتى نتمكن من الوقاية منه وعلاجه إن وقع، فمن الإجراءات الوقائي وهو مراقبة الأبناء وعدم الغفلة عنهم عند التجمعات الأسرية بين الأقارب فإن كثيرا من العادات السيئة يكتسبها الأبناء من احتكاكهم بأقاربهم، وربما يكون بينهم فاسد فيفسد باقي الأبناء، أو يستغل جهل بعضهم أو خوفه منه أو سذاجته، فيفعل بهم الأفاعيل والأهل عنه غافلون أو متساهلون ويجب الاستئذان قبل الدخول ومراعاة الخصوصيات في الغرف المغلقة، ولقد بلغت الحيطة مداها، فاحتاط الإسلام من وقوع النظر على العورات ولو خطأ، وأن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أستأذن على أمي؟ فقال” نعم ” فقال الرجل إني معها في البيت، فقال رسول الله ” استأذن عليها ” فقال الرجل إني خادمها، فقال رسول الله” استأذن عليها، أتحب أن تراها عريانة؟ قال لا، قال ” فاستأذن عليها ” 

فانظر إلى تعليل وجوب الاستئذان، وهو الخوف من احتمال رؤية أمه عريانة، وكذلك أيضا التفريق بين الأولاد والبنات في المضاجع لِما جاء من الأمر بالتفريق بين الأبناء في المضاجع ” وفرقوا بينهم في المضاجع ” رواه أحمد، فإذا بلغ الصبي عشرا لا ينام مع أمه وأخته وامرأة، والمراد التفريق بينهما عند النوم خوفا من الوقوع في المحذور، فإن الولد إذا بلغ عشرا عقل الجماع، ولا ديانة له ترده، فربما وقع على أخته أو أمه، فإن النوم وقت راحة مهيج للشهوة، وترتفع فيه الثياب عن العورة من الفريقين، فيؤدي إلى المحظور وإلى المضاجعة المحرمة، خصوصا في أبناء هذا الزمان، فإنهم يعرفون الفسق أكثر من الكبار، وكذلك أيضا عدم ظهور الأم أو البنات بملابس كاشفة أو خليعة تظهر مفاتن الجسد أمام المحارم الذكور، والعكس بعدم تبسط الذكور أمام محارمهم من الإناث وهناك ظروف وهو أن الحاجة ربما اقتضت أن ترضع الأم أو الأخت وليدها أمام محرمها لضيق المكان أو نحو ذلك فيجب أن تستتر. 

وأيضا عدم نوم الأبناء أو البنات في أحضان أمهاتهم أو آبائهن خاصة بعد البلوغ وقد أوجب الإسلام على الأطفال المميزين أن يستأذنوا في الدخول على آبائهم وأمهاتهم في الأوقات التي يتصور أن يتم فيها الاتصال الجنسي عادة بين الزوجين، والتي يحب أن يجلس فيها الإنسان متخففا من ثيابه، كاشفا بعض ما لا يظهر منه أمام أبنائه، وذلك حتى لا يقع بصر الطفل على صورة ترتسم في ذهنه، بحيث يستدعيها من ذاكرته حينما يمكنه التفكير فيما لم يكن يفكر فيه وهو صغير، إذ إن رؤية الصور الجنسية تطبع صورة ذهنية، بل هياجا حين يتكرر النظر، ويدفع للإثم إن حانت له فرصة في حال ضعف ولا غرو أن ذهب بعض الفقهاء إلى منع الأبوين من ترك الطفل بينهما أثناء الاتّصال الجنسي، حتى لا تعلق تلك الصور الجنسية في ذهنه منذ الصغر، فتؤثر في سلوكه في الكبر، بل بلغ التحوط منتهاه عند ابن عابدين حينما قال “ويفرق بين الصبيان في المضاجع إذا بلغوا عشر سنين. 

ويحول بين ذكور الصبيان والنساء وبين الصبيان والرجال، فإن ذلك داعية إلى الفتنة ولو بعد حين، وهناك الاضطراب المرضى الشديد في العلاقات الأسرية بحيث تصبح هذه العلاقات ممزقة بما لا يعطى الإحساس بأي حرمة في أي علاقة وهذه العلاقات المحرمة ينتج عنها مضاعفات نفسية واجتماعية خطيرة، حيث تضطرب صورة العلاقة بين الشخصين وتتشوه فتبتعد عن تلك العلاقة بين الأخ وأخته أو بين الأب وابنته وتستبدل بعلاقات يشوبها التناقض والتقلب وتترك في النفس جروحا عميقة، إضافة إلى ذلك فإن كلا الطرفين المتورطين يجدان صعوبة في إقامة علاقات زوجية طبيعية مع غيرهما نظرا لتشوه نماذج العلاقات ولا يقتصر اضطراب التكيف على العلاقات العاطفية أو الجنسية فقط وإنما يحدث اضطراب يشمل الكثير من جوانب الحياة للطرفين، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه ” ما تقولون في الزنا قالوا حرام حرمه الله ورسوله وهو حرام إلى يوم القيامة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من أن يزني بحليلة جاره ” فما بالكم بزنا المحارم كم يساوى عند الله .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock