منوعات

الشيخ تاج

بقلم / محمـــد الدكـــروري  

في هذا المقال نسلط الضوء علي المجددين في الإسلام، وهو المصطلح الذي جاء في حديث النبي الكريم محمد صلي الله عليه وسلم “إن الله يبعث لهذه الأمة علي رأس كل مائة سنة من يُجدد لها دينها” أي يعلمهم دينهم، وإن هناك شخصيات كان لها نبوغ وتفوق علمي في أمور الدين والدعوة وجهود إصلاحية مؤثرة، ومن هو الشيخ عبد الرحمن تاج، وهو شيخ الجامع الأزهر، خلال أربع أعوام من الفترة ألف وتسعمائة وأربع وخمسين حتي الفترة ثماني وخمسين ميلادي، والذي تمتع بأخلاق رفيعة بجانب إلي علمه الواسع الذي أثرى المكتبة الإسلامية به، بمؤلفات متنوعة بين الشريعة الإسلامية والفقه الإسلامي واللغة العربية، فهو الإمام تاج هو عبد الرحمن حسين على تاج، وولد سنة ألف وثماني مائة وست وتسعين ميلادي، بمحافظة أسيوط، وينتسب لأسرة من بلدة منية الحيط، وهي إحدى قرى مركز إطسا بمحافظة الفيوم انتقل والده مع جده للعمل في إقامة قناطر أسيوط. 

وانتقل والده مع جده للعمل في إقامة قناطر أسيوط وعندما تجاوز الخامسة من عمره التحق بالكتاب وحفظ القرآن الكريم، واسترعى ذكاؤه انتباه وزير المعارف آنذاك سعد زغلول باشا عند زيارته لهذا الكتاب أثناء تجواله في الصعيد فأعجب به الباشا ورأى أن يكافئه ويشجعه فقرر إلحاقه بالمدارس الأميرية على نفقة الدولة في جميع مراحل التعليم، إلا أن جد الصبي أبى إلا أن يكون مجال تعليم حفيده بعد الكتاب هو الأزهر الشريف، وعندما انتقلت أسرته إلى الإسكندرية، انتقل معها والتحق بالسنة الثانية الابتدائية بمعهد الإسكندرية الدينى سنة ألف وتسعمائة وعشرة ميلادي، وكان المعهد يمتاز عن بقية المعاهد بما تم فيه من إصلاح سبق به غيره، وبما تهيأ له من أساتذة مرموقين أحسن المسئولون اختيارهم، فأجادوا وسائل الشرح والتوضيح والتوجيه السلوكى لطلابه، وكان هذا المعهد الكبير يضم جميع مراحل التعليم، وتدرج في المدارج العلمية والوظيفية بالأزهر. 

فالتحق بقسم تخصص القضاء الشرعي ونال شهادته سنة ألف وتسعمائة وست وعشرين ميلادي، وعين مدرسا في معهد أسيوط الديني ثم في معهد القاهرة الديني، وكما أختير مدرسا بقسم تخصص القضاء الشرعي قبل أن يبلغ الخامسة والثلاثون من عمره، ثم اختير عضوا في لجنة الفتوى للمذهب الحنفي سنة ألف وتسعمائة وخمس وثلاثين ميلادي، وفي سن الأربعين وقع عليه الاختيار ليكون عضوا في بعثة الأزهر إلى فرنسا فالتحق بجامعة السربون حيث حصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة وتاريخ الأديان عن رسالته في البابيه والإسلام والمعروف أن البابية هو اسم البهائية، وذلك برغم الظروف القاسية والمدمرة للحرب العالمية مما يدل على شخصيته الصامدة المتزنة الوقورة القادرة على مواجهة الصعاب، وبعد عودته من باريس سنة ألف وتسعمائة وثلاث وأربعين ميلادي، عين أستاذا في كلية الشريعة يالأزهر، ثم مفتشا للعلوم الدينية والعربية. 

ثم عين شيخا للقسم العام والبحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، وفي عام ألف وتسعمائة وواحد وخمسين ميلادي، نال عضوية هيئة كبار العلماء حين تقدم إليها ببحث عن السياسة الشرعية، وعمل أستاذا بكلية الحقوق بجامعة عين شمس أثناء وجوده في هيئة كبار العلماء ولجنة الفتوى، وأصبح شيخا للأزهر الشريف في السابع من يناير عام ألف وتسعمائة واربع وخمسين ميلادي، ثم اختير وزيرا في اتحاد الدول العربية عام ألف وتسعمائة وثماني وخمسين ميلادي، وكما أنتخب عضوا بمجمع اللغة العربية عام ألف وتسعمائة وثلاث وستين ميلادي، وعضوا بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، ومن أبرز إنجازاته أنه قرر تدريس اللغات الأجنبية في الأزهر، كما سعى إلى بناء مدينة البعوث الإسلامية لسكنى الأزهريين المغتربين من أبناء العالم الإسلامي، وأثرى المكتبة الإسلامية بالعديد من المؤلفات القيمة في الشريعة والفقة الإسلامي. 

ومن أبرزها كتاب الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية، وكتاب السياسة الشرعية والفقه الإسلامي ودراسات مطولة عن الهجرة والإسراء والمعراج والحج والصوم، وليلة القدر، وفي الشئون الكونية وغيرها، كما أثرى المكتبة اللغوية العربية ببحوث تخصصية دقيقة أثناء عضويته بالمجمع اللغوي، ولم تنسه مشاغله الوظيفية والعلمية على مستوى العالم العربي والإسلامي والدولي انتمائه لبلده الفيوم فحرص وهو شيخ الأزهر على تأسيس أول معهد ديني بالفيوم في السادس من شهر ديسمبر عام ألف وتسعمائة وأربع وخمسين ميلادي، وهو المبنى الذي أعدته جمعية المحافظة على القرآن الكريم والذي يشغله الآن معهد المعلمين الأزهري، وقد قام بافتتاحه في رفقة الرئيس جمال عبد الناصر عند زيارته للفيوم سنة ألف وتسعمائة وست وخمسين ميلادي، وافته المنية عام ألف وتسعمائة وخمس وسبعين ميلادي، بعد مسيرة طويلة من البذل الجاد والعطاء الهادف بلا حدود. 

وهكذا تدرج الشيخ تاج فى المراحل العلمية والوظيفية بالأزهر، فالتحق بقسم تخصص القضاء الشرعى ونال شهادته وعُين مدرسا فى معهد أسيوط الدينى ثم فى معهد القاهرة الدينى، واختير مدرسا بقسم تخصص القضاء الشرعى قبل أن يبلغ الخامسة والثلاثين من عمره، ثم اختير عضوا فى لجنة الفتوى للمذهب الحنفى، ثم وقع الاختيار عليه ليكون عضوا فى بعثة الأزهر إلى جامعة السوربون بفرنسا، فصحب أسرته معه وكانت مكونة منه ومن زوجة وثلاثة أطفال، فدرس اللغة الفرنسية وأجادها، ثم واصل دراسته الجامعية وكانت الحرب العالمية قد بدأت واشتدت، فلم تعقه أعباء الأسرة ولا أهوال الحرب عن التعمق فى دراساته حتى نال الدكتوراه فى الفلسفة وتاريخ الأديان عن رسالته فى البابية والإسلام، وذلك رغم الظروف القاسية والمدمرة للحرب العالمية، مما يدل على شخصيته الصامدة المتزنة الوقورة القادرة على مواجهة الصعاب.

وبعد عودته من باريس، عُين أستاذا فى كلية الشريعة بالأزهر، ثم مفتشا للعلوم الدينية والعربية، ثم عُين شيخا للقسم العام والبحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، وفى عام ألف وتسعمائة وواحد وخمسين ميلادي، نال عضوية هيئة كبار العلماء حين تقدم إليها ببحث عن السياسة الشرعية، كما عمل أستاذا بكلية الحقوق بجامعة عين شمس أثناء وجوده فى هيئة كبار العلماء ولجنة الفتوى، ثم أصبح شيخا للأزهر الشريف ثم اختير وزيرا فى اتحاد الدول العربية عام إلى أن ألغت الجمهورية العربية المتحدة وهي جمهورية مصر العربية هذا الاتحاد سنة ألف وتسعمائة وواحد وستين ميلادي، ثم انتخب عضوا بمجمع اللغة العربية، ثم اشترك فيه فى لجنة القانون والاقتصاد، ولجنة الأصول، ولجنة المعجم الكبير، ثم اختير عضوا بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، وكان أول من فكر فى إدخال نظم التربية العسكرية بالأزهر، وللشيخ عبدالرحمن تاج رصيد علمى زاخر. 

سواء فى العلوم الدينية أو اللغوية، إلى جانب مواقفه التاريخية التى تحفظها ذاكرة الأزهر وذاكرة الوطن، ففى العدوان الثلاثى علي مصرعام ألف وتسعمائة وست وخمسين ميلادي، لم يكتف الشيخ عبدالرحمن تاج بإصدار البيانات، وإنما راسل ملوك ورؤساء الدول الأوروبية لإنهاء هذا العدوان، إلى جانب جمع التبرعات وإرسال الطلبة والعلماء للتطوع فى الجيش، وتوفى الشيخ عبدالرحمن تاج في صباح الأربعاء العشرون من شهر مايو سنة لعام ألف وتسعمائة وخمس وسبعون من الميلاد، بعد مسيرة طويلة من البذل الجاد والعطاء الهادف بلا حدود، وقد أقام مجمع اللغة العربية حفلا كبيرا لتأبينه، تحدث فيه الدكتور إبراهيم مدكور، رئيس المجمع، والأستاذ الشيخ على الخفيف، وعقب عليهما الأستاذ حسن عبدالرحمن تاج ابن الإمام.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock