بقلم / محموددرويش
إسبوع الفيفـا ، هي الفِترة التّي تتقلّب فيها هُرمونات الرجال المُتابعين والعاشقين للُعبة كُرة القدماً لمُدّة عشر أيّام تزيدُ أو تَنقُص حسب روزنامة الإتحاد الدولي ، حارمةً إيانا من متنفسنّا الإسبوعي لمُتابعة فُرقنا المُفضّلة ، ومسحة الراحة والهدوء العقلي التي تُضفيها معارك الدوريات الأوروبية علی عقل كاد ينفجر من هموم الحياة ، المشاكل ، المُجتمع ، مُحيط الأسرة وخارجها ، لشباب مثلنا في هذه البقعة الجغرافية التي تُحدد لنا فيها الحُكومة وسياسييها متی وكيف نعيش سُعداء حسب أمزجتهم الشخصية ومٶشر تحالفاتهم مع بعضهم البعض .
وبالعودة لإسبوع الفيفا ، فأننا نجلس في هذه المُدة المشٶومة بعد الفراغ من أعمالنا وأحياناً أثناءها ، كـ مُشرديّن أمام الشاشات ، نتسول بعض المُتعة الكُروية وما تجود به مُباراة أو مُباراتين للمُنتخبات ، ونأكل فُتات التصفيات الذي لا يسّد رمق جائع تعوّد علی أكل حلوی مدريد البيضاء ” المرينجي” أو تجرّع يومًا تيكي تاكا اللاماسيا وتعلّم الثبات وقوّة الشخصية من جنبات الإليانز أرينا والوفاء داخل الأنفيلد أو تابع مٶخراً ثورة ” الأثرياء الجُدد” في الإتحاد والبارك دي برانس ، الليغا ومُبارياتها التي تُشبه الرقص الرومانسي ، والبريمييرليغ بعنفوانه وجنونه الذي لا يهدأ ، التمشّي بين الأوليمبيكو وسان سيرو وإستحضار راٸحة المكان الذي كان يومًا جنّة كُرة القدم ، ومُتابعة محاولات بروسيا الباٸسة أن يكونَ نِدّاً للبايرن ، سيعود السبت المُمتاز وخوازيق الفنتـازي وتعثّرات (ريال بارسا) المُفاجٸة في الليغا ، وتحليلات الجلاهمة وذياب وأصوات البلوشي والشوالي والعيدروس ورٶوف وحفيظ الحماسية .
الحقيقة أن كُرة القدم عامةً أنقذتنا كثيراً بعد رعاية اللّٰه سُبحانه وتعالی من الوقوع في حُفرة الكآبة ، والتفكير السلبي ، وتخطينّا بها أزماتٍ عديدة ، رُغم إتهام البعض لنا بـ (عدم الموضوعية) وأن الحياة بها أشياء أكثر تستحّق وقتنا لنصرفه عليها ، نحن عالم آخر صغير وموازي للكون العادي ، به جميع الأطياف ، نتناكف مع بعضنا يوميًا مع الحفاظ علی الإحترام المُتبادل ، نتناقش ، نتعلّم ، نستفيد ، ونتعرّف من خلال ما نُحب علی أشخاص يُصبحون لنا سندًا في الحياة بأكملها ، وأنا شخصيًا أجمل الأشخاص الذين مرّو بحياتي ولا زالو ، جمعني بِهم حُب وتشجيع هذه اللُعبة ، وأصبحوا مع الوقت من أعز الناس في حياتي وكتبو بأسماٸهم فصولاً جميلة ستحملها ذكرياتي طوال عُمري المُتبقيّ ، هُنا والآن .. أعترف لكُم جميعاً أنني لولا هذه اللعبة لهلكت سابقًا ، ولما أصبحت الشخص الذي أنا عليه اليوم .. ستمضي الأيام إن مدّ اللّٰه في أعمارنا ، وسنعود لنفعل ما نُحب ، سيأتي الكلاسيكو وليالي التشامبيونز وديربيات شمال أفريقيا وقصص المستديرة التي لا تنتهي ، وتذكرّو داٸماً أن اللّٰه جعلكم عاشقين لكُرة القدم وأصبحت جزءاً من حياتكم لسبب ما ، فـ حين تصفعك الحياة بقســوة ، هي كفيلة بالتربيت علی كتفك وتقول لك : لا تقلق ، أنا هُنا من أجلك .
زر الذهاب إلى الأعلى