دين ودنيا

الدكروري يكتب عن رأس كل خير” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

ولقد أتي الأمر بالتقوى في القرآن الكريم في حوالى واحد وثمانين موضعا وقد نوع الله عز وجل في الأمر بالتقوى فأمر بها الناس جميعا، وأمر بها المؤمنين، حيث ناداهم بوصف الإيمان ليكون ترغيبا لهم في تحقيقها والاتصاف بها، وأمر بها نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وهذا من أكبر الأدلة على أهمية التقوى حيث أمر بها أشرف خلقه وأكرم أنبيائه، فقال تعالى في سورة الأحزاب ” يا أيها النبي اتقي الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليما حكيما” وكما أمر الله عز وجل بها الأمم السابقة على لسان أنبيائهم، ولقد حرص القرآن الكريم على بيان قيمة التقوى حتى يرغب فيها المؤمنين، ويحملهم على التمسك بها وقد جاء هذا البيان مشتملا على عدة معاني هي أن التقوى هي خير زاد يتزود به المؤمن، وأن الاهتمام بتقوى القلوب أهم وأنفع من الاهتمام بالمظاهر، وأن المقصود الأعظم من العبادات هو تحقيق التقوى، وأن الدار الآخرة ستكون خيرا للمتقين وسينالون فيها جزاءهم الأوفى.

وكما وضح القرآن الكريم كثيرا من أوصاف المتقين وبين سماتهم حتى تكون هذه الأوصاف هي المقياس التي يقيس بها المسلم نفسه فإذا اتصف المسلم بهذه الأوصاف فهو من المتقين وإلا فلا، وهذه الأوصاف هي أنهم يؤمنون بالغيب وبالكتب السماوية ويقيمون الصلاة وينفقون من أموالهم في سبيل الله تعالي، ويؤمنون باليوم الآخر والملائكة ويوفون بعهدهم ويصبرون في البأساء والضراء، وأنهم يتعظون بالمواعظ ولا يصمون قلوبهم وآذانهم عنها، فيقول تعالي كما جاء في سورة البقرة “فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين” وكما قال تعالي في سورة آل عمران ” هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين” وأنهم يعطون الحقوق التى عليهم للناس كاملة لا نقص فيها، وأن وساوس الشيطان بالمعاصي لا تؤثر فيهم لأنهم دائما يتذكرون عقاب الله فلا يتبعون وساوسه، ويتفكرون دائما في آيات الله الكونية مما تقودهم إلى الإيمان به واليقين بوجوده، ولا ينتهكون محارم الله عز وجل ولا يتعدون حدوده.

وينفقون في السراء والضراء ويكظمون الغيظ وإذا فعلوا فاحشة في لحظة ضعف فإنهم سريعا ما يتوبون إلى الله عز وجل ولايصرون على المعصية، ويتصفون بصفة العدل في أقوالهم وأفعالهم حتى مع أعدائهم، ويعظمون شعائر الله ولا يستهينون بها، ويصدقون بالقرآن وبنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، فيقول تعالي في سورة الزمر ” والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون” وإن تحقيق التقوى يكون بعبادة الله عز وجل، والتمسك بقوة بأوامره والعمل بها، وتنفيذ العدل بالاقتصاص من الظالم، وبالمحافظة على الصيام، وعدم انتهاك حدود الله ومحارمه، واتباع صراط الله المستقيم ، والبعد عن سبل الشيطان، والخوف من الله ومعرفة وعيده للعصاة حتى نخشاه ونتقى عذابه، والاهتداء بهدي الله عز وجل، وإن من الفوائد المترتبة على تحقيق التقوى هو الفلاح في الدنيا والآخرة، وأن الله عز وجل يكون معك بنصره وتأييده، ويعلمك الله ما لم تكن تعلم، وأن تكون من الشاكرين.

وأن تنالك رحمة الله عز وجل، وأن تكون من الأبرار، وتأمن من الخوف والفزع والحزن يوم القيامة، وتنال الثواب الأوفى من الله عز وجل، وتنال الأجر العظيم، ويكفر الله سيئاتك، ويوسع عليك في الرزق، وأن الله يحفظك من كيد الأعداء، ويؤيدك بجند من عنده وقت الشدة، ويجعل في قلبك نورا تفرق به بين الحق والباطل، وتكون من المحسنين، ويجعل الله لك من ضيق مخرجا ويرزقك من حيث لا تحتسب، وييسر الله لك أمورك وييسر عليك فعل الطاعة، وتكون من الفائزين، ويحفظ الله أولادك بعد مماتك، وستكون أكرم الناس عند الله، وتنال محبة الله عز وجل، وأن يتقبل الله أعمالك ويتولاك وينصرك ويرعاك، وتحشر يوم القيامة في أجمل منظر وأبهى مقام، وأن تنال حسن العاقبة في الدنيا والآخرة، والنجاة من عذاب النار، والفوز بالجنة وما فيها من نعيم، وتعرّف التقوى اصطلاحا بأن يلتزم المسلم أوامر الله تعالى ويجتنب ما نهى عنه، فيقوم بالواجبات، والمندوبات ويترك المُحرّمات، والمكروهات.

فيجعل المسلم بينه وبين ما حرم الله تعالى واقيا يقيه من عذابه وغضبه، وأن يقي نفسه من الوقوع بالمعاصي، وشُبهات الدنيا، وقد قيل في التّقوى أنها ابتغاء المسلم في عمله الصالح رضى الله تعالى وحده، والتقوى في اللغة هي الوقاية، وفي الاصطلاح هي الالتزام بأوامر الله تعالى واجتناب نواهيه، وبهذا يقي المسلم نفسه من غضب الله تعالى ويفوز برضوانه، وإن التقوى هي سبب للفلاح والنجاح وإن الله سبحانه وتعالى قد جعل التقوى أمرا لازما للفلاح والنجاح، وقد أوصى بها جميع السابقين، واللاحقين، وأن التقوى ذكرت في القرآن الكريم وأن الله عز وجل قد ذكر التقوى في الكثير من الآيات، وأوجب على المسلمين أن يلتزموا بها، وقد ذكرت التقوي في الأحاديث النبوية فالنبي صلى الله عليه وسلم قد ذكر التقوى وفضلها، وأوصى بها في كثير من الأحاديث النبوية، وإن للتقوى أهمية بالغة في الإسلام، ومن ذلك أنها سبب من أسباب دخول الجنة ونيل رضوان الله تعالى، كما أنها معيار المفاضلة بين الناس.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock