متابعة – علاء حمدي
طالب مستشار الأسد د. جورج جبور بمحاكمة الانتداب البريطاني قائلا : حان الوقت للرسالة الثالثة الموعودة الموجهة إلى سيادتكم في الذكرى الثانية بعد المائة لانعقاد مؤتمر سان ريمو لمنتصري الحرب العالمية الاولى. هم انتصروا على السلام في منطقتنا من العالم.
انتقاما منا لممارستنا حقنا في تقرير مصيرنا بانفسنا، كما فعلنا في دمشق يوم 8 آذار 1920، عقدوا مؤتمرهم فقسموا بلادنا، وفرضوا عليها ثلاثة انتدابات، كان اخطرها ذلك الخاص بفلسطين، وهو المستمر في إباحة القتل منذئذ و حتى الآن.
قد يقال: المنتصرون صانعو تاريخ العالم، فما الغريب في ان تقوم الدول المنتصرة بتقسيم بلاد الشام؟ قبل خمسة عقود من مؤتمر سان ريمو، قامت الدول الاوروبية في مؤتمر برلين بتقسيم قارة باكملها هي افريقيا. لماذا التفرد بالحديث عن صك الانتداب على فلسطين الذي صاغه منتصرو سان ريمو؟ والاجابة سهلة. ليس الانتداب صناعة دول بل صناعة عصبة امم تعاهدت على السلم.
أنشئت عصبة الامم كما انشئت منظمة الامم المتحدة بهدف معلن هو انهاء الحروب واقامة السلم في العالم. تعاملت هاتان المنظمتان رسميا مع صك الانتداب على فلسطين منذ تموز 1922. بعد اقل من مائة يوم ستحل الذكرى المئوية لوثيقة لها دورها في تاريخ المنظمتين الدوليتين، قصد منها – كما قيل، وكما في التقديرات المعلنة– قصد منها ان تنشىء سلما عادلا في منطقتنا من العالم، فاذا بها تنفرد من بين كل وثائق العصبة ثم المنظمة بانها اعطت شرعية لارتكاب جريمة ضد الانسانية هي التغيير السكاني القسري.
عد الى التاريخ قليلا ايها السيدالامين العام، وأنت من دولة لها في التاريخ وعليها.
كان سيسيل رودس مثلا اعلى لهرتزل، وبأثرمن قادة دول في طليعتهم قادة كيان عنصري وطده رودس في جنوب القارة الافريقية، تحولت عصبة الامم في تعاملها مع فلسطين الى ما يماثل “شركة جنوب افريقيا البريطانية”، تلك الشركة المرذولة.
لعصبة الامم ثم لمنظمة الامم المتحدة تاريخ مظلم مع حقوق الشعب الفلسطيني. تبنى الانتداب نص وثيقة تتضمن تعهدين متناقضين: وطن قومي لليهود وعدم مس بحقوق السكان. تعهدان تستحيل المصالحة بينهما. تحولت وثيقة مستعصية التطبيق، هي تصريح بلفور، الى انتداب اقرته عصبة الامم وتعاملت معه منظمة الامم المتحدة. والنتيجة؟ سفك دم يومي. ما العمل؟
الخطوة الاولى إشهار التاريخ المظلم الذي خطته العصبة ثم المنظمة، اشهاره امام العالم، واشهاره بخطوة جريئة تقوم بها المنظمة في تموز 2022. مراجعة الذات صواب يوقف التوغل في الخطأ.
فلتكن من الامانة العامة للامم المتحدة في مئوية اقرار مجلس العصبة للانتداب، لتكن منها خطوة مراجعة للذات، ولتعقد ندوة في مبناها بجنيف يبحث في التكييف القانوني للانتداب على فلسطين. ولتحكم الندوة القانونية: ألا تكتمل في الانتداب عناصر جريمة ضد الانسانية؟
تعلم الرابطة بالطبع ان الحرب في اوكرانيا تشغل العالم، وتستأثر باهتمامه، وتهدد مستقبل الامم المتحدة. لكنها تعلم ايضا ان ما وقع في اوكرانيا ما كان له ان يقع لو حرصت منظمتنا على القيام بكل ما في وسعها لكي تنفذ قراراتها. تغاضت الامم المتحدة عن تنفيذ قراراتها ذات الصلة بحقوق شعب فلسطين، فهان في العالم شأن القانون الدولي ومعه التنظيم الدولي. سيادة الامين العام الموقر:
تمر الامم المتحدة باخطر ازمة في تاريخها منذإنشائها. أحد مرتكزات التعافي الاحتكام الى فلسفة التاسيس: لا بد من اقامة السلم على اساس القانون الدولي. فلتكن لكم وللعالم وقفة مع القانون الدولي في 24 تموز 2022. بعد 100 عام من اقرار صك الانتداب اخرج نصف الفلسطينيين من ارضهم وحل محلهم مستوطنون يمارسون العنصرية على النصف الباقي. ولتكن مناسبة 24 تموز 2022 نفحة تفاؤل لعالمنا المهدد بالدمار الشامل. ولسيادتكم، ايها الامين العام الموقر، التقدير والاحترام. الرابطة السورية للامم المتحدة.
زر الذهاب إلى الأعلى