تعليم وجامعات

التكنولوجيا سلاح ذو حدين والإسلام لم يتوقف عند العلم الشرعي

كتب : محمد سليمان

قال فضيلة الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر، من الضرورة أن نقوم بالواجب العلمي والمجتمعي تجاه التغير التكنولوجي المتسارع، الذي أثر على جوانب الحياة كلها، وأن نحرص من خلال بحوث جادة رصينة على بيان أوجه الفائدة من التكنولوجيا، وكيفية استثمارها في المجالات العلمية الشرعية والقانونية، مبينًا أن إحدى سمات العصر المميزة هذا التسارع التكنولوجي، الذي يمدنا بالجديد، وصارت التكنولوجيا جزءا من حياتنا، ولم يعد استعمالها خيارا مطروحا يحتمل القبول أو الرفض. 

FB IMG 1647972604213

وبيّن وكيل الأزهر خلال كلمته بمؤتمر كلية الشريعة والقانون العلمي الدولي الثاني، بعنوان التكنولوجيا الحديثة وأثرها في الدراسات الشرعية والقانونية، أن الواقع يشهد أن البشر حول العالم أصبحوا أكثر اعتمادا على التكنولوجيا وتطبيقاتها في التواصل، وإنجاز الأعمال، ونقل الخبرات، والترفيه، لدرجة أن توقف أو عرقلة عمل تلك التطبيقات قد يؤثر على الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية.

وأوضح وكيل الأزهر، أن التكنولوجيا سلاح ذو حدين، وأنها قادرة على الإسهام بنجاح في معالجة آلام الأمة، وتحقيق آمالها، وتأكيد هويتها، وتأصيل قيم المواطنة فيها، وتحقيق الأمن والسلم المجتمعي في ربوعها، وفي الوقت نفسه يمكن أن تكون أحد المهددات التي تؤصل لخطاب متطرف أو تحريضي أو منفلت يحمل مخاطر كبيرة على المجتمع وعلى الإنسانية، وفي الوقت الذي نؤمن فيه بضرورة الاستفادة القصوى من الفيض التكنولوجي في تيسير أمور حياتنا علما وتعليما واقتصادا وسياسة واجتماعا، فإن من الضروري أيضا في ظل ما نعاني ويلاته الآن، ليسلم الوطن، ويسعد أبناؤه، أن نعمل على إيجاد رقابة مؤسسية مسؤولة فضلا عن الرقابة الذاتية لتكون حصنا حصينا ضد هذه الفوضى التي يمكن أن تحدثها التكنولوجيا. 

FB IMG 1647972601732

وأشار وكيل الأزهر، إلى تغير الوسائل المعاصرة التي تعين على التحصيل العلمي، والتراكم المعرفي، فقديما كان المسجد وأروقته وشيخه، ثم تطور الأمر إلى قاعات المحاضرات والمكتبات، واليوم زاحمت التكنولوجيا في العملية العلمية والتعليمية، وأصبح الإنترنت معلما وموجها وميسرا، مضيفًا أنه إذا كنا نؤمن أن الإسلام دين العلم، فإن من الواجب أن نفهم أن العلم الذي ندب إليه الإسلام لا يتوقف عند العلم الشرعي وحده، بل إنه يمتد ليشمل علوم الحياة وعلوم الكون، وضروب النشاط الإنساني كافة، فالتكنولوجيا أداة نافعة لاكتساب خبرات جديدة متنوعة، والاطلاع على آفاق واسعة من الثقافات المختلفة.

وأشار الضويني، أن واقعنا يشهد أن التعليم الجيد مؤشر صادق وأداة فاعلة في طريق تقدم الدول والمجتمعات، بل يكاد يكون التعليم اللبنة الأولى التي تعتمد عليها الدول في تقدمها، وكلما تطور التعليم وتطورت وسائله كان سبيلا لإخراج جيل واع يسهم بفاعلية في مسيرة بلاده، والحقيقة أن الفيصل بين إيجابيات التكنولوجيا وسلبياتها يتوقف على وعي الأفراد ومسئولية المؤسسات؛ فإذا استخدمت التكنولوجيا فيما يستثمر الوقت والفكر والأدوات، مع التأكد من مصادر المعلومات والبيانات وصحتها، فإن هذا بلا شك يحقق نتائج نافعة، بخلاف ما لو كان استخدام التكنولوجيا بلا ضوابط أخلاقية أو قيود قيمية، كما أن المتأمل لعلاقة التكنولوجيا بالعلوم وبتفاصيل الحياة يدرك أنها تطرح بدائل جديدة ترتبط بكثير من أمور حياتنا.

وأكد الضويني أن الأزهر يستطيع بما له من رصيد كبير من الثقة لدى المسلمين وغير المسلمين وبما فيه من أدوات أن يطوع تلك الوسائل التكنولوجية بما يخدم ديننا وتراثنا وأوطاننا، وأن المؤسسات التعليمية التي لا تستطيع تحديد مكانها اليوم في عالم التحول الرقمي ستترك طلابها فقراء في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المستقبلية، لذا كان على المؤسسات التعليمية أن تعمل على إعداد الطلاب بما يتماشى مع هذا التغير المتسارع، والذي لا يتوقف في ناحية واحدة من نواحي الحياة.

وشدد وكيل الأزهر على ضرورة التعامل مع التكنولوجيا بمرونة وانسجام دون رفض أو انغلاق، مؤكدًا أن استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة بطريقة إيجابية يخدم في جوهره التنمية المستدامة، ويساعد على تحقيق أهدافها، ويعين على توفير حياة أفضل للناس، وتعامل رشيد مع موارد المجتمع وثرواته، وهذا ونحوه من جملة المصالح التي راعتها الشريعة الإسلامية، ودعت إليها وأمرت بها بنصوص صحيحة صريحة، بل اعتبرته من جملة تكليفاتها الشرعية التي تحاسب عليها بالثواب والعقاب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock