الأخبار

مسؤولياتنا الاجتماعية وأهميتها في ترسيخ قّيم المواطنة وتعزيزها في نفوس أبنائنا

بقلم: د. طراد الرويس

إن محبة الأوطان والانتماء لها ولأمتها أمر فطري داخل كل إنسان يعمل على علو منزلتهما ورفع شأنهما، فجميع الأوطان في عالمنا اليوم تضم أجناساً بشرية مختلفة، ومكونات أيدلوجية وقومية وعرقية متنوعة، إلا أن الجامع بين هؤلاء هو نظام الوطن والمواطنة الذي لا يخل بديانات الناس ولا بالتفرقة بينهما.

لذلك فإن للمواطنة أهمية تعمل على اكتساب المناعة لكل مواطن من خلال النشئة والتربية التي تركز على القيّم والمبادئ السامية، ومن خلال الدور الهام الذي تقوم به الأسرة والمؤسسات التربوية في وطننا العربي في تنمية هذه القيّم والمبادئ وتعزيزها في نفوس أبنائنا، وكذلك من خلال التعليم الذي يعّد إحدى الوسائل الهامة التي تساعد على تكوينها وتنميتها، كونها الأساس الذي يساعد أبنائنا على معرفة حقوقهم وواجباتهم، وتحديد العلاقات التي تربطهم ببعضهم البعض وبمحيطهم الخارجي، مما جعل المواطنة تعتبر من المفاهيم الهامة التي تحظى باهتمام عالمي كبير.

كما شهدت مجتمعاتنا العربية مؤخراً من تغيرات سلبية اجتماعية واقتصادية بل وسياسية أدت إلى حدوث صراعات ونزاعات بداخلها جعلت العديد من دولنا تلجأ إلى التعليم باعتباره أداة أساسية وفعّالة تعمل على التغيير المجتمعي من خلال تعليم المواطنة في مؤسسات التعليم المختلفة، وهذا ما حاولت عدة دول تجسيده من خلال منهاجها التعليمية والتربوية لمواكبة التغيرات الحاصلة في عالمنا الراهن لترسيخ وغرس قيم المواطنة في نفوس أبنائها، وكذلك من خلال متانة العلاقة بين المسؤولية الاجتماعية والمواطنة، ومساهمتهما في تحقيق التطلعات المختلفة للمواطنين في مجتمعاتنا العربية، فبغض النظر عن الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية هناك تطلعات أخرى تتمثل في (الحرية، المساواة، العدل، الأمن، وغيرها) الناتجة عن روح المواطنة المرتبطة بالوطن وحبه والدفاع عنه، وبغض النظر عن الظروف والمشاكل والتهميش التي يعيشها المواطن داخل وطنه، إلا أن كل ذلك لا يؤثر في حبهم لوطنهم، والافتخار بالانتماء إليه دون سواه.

وما أردت الإشارة إليه هو أن المواطنة تعّد أداة لبناء مواطن قادر على العيش بسلام وتسامح مع غيره، على أساس المساواة وتكافؤ الفرص والعمل، والمساهمة في بناء وتنمية الوطن والحفاظ على العيش المشترك فيه، لذا نجد أن عملية التربية والتنشئة الاجتماعية تشكل أساس تكوين المواطنة كنمط سلوكي متميز سلبي كان أم إيجابي، وتسهم في تنمية الشعور والانتماء والمشاركة الإيجابية من خلال المناهج التعليمية والتربوية التي تعتبر أداة فاعلة في إرساء دعائم المواطنة، وما لها من تأثيراً مباشراً في تحقيق ما تهدف إليه التربية الوطنية وتنمية المواطنة، حيث إن تركيبة ونوعية الحياة داخل المؤسسات التربوية تؤثر في أبنائنا وفي تنشئتهم وتربيتهم على قيم المواطنة.

وأن أبرز قيم المواطنة التي تسعى المؤسسات التربوية إلى ترسيخها لدى أبنائنا والتي تتمحور في الولاء والانتماء للوطن، وحب الوطن والحرص على أمنه واستقراره، وقيامها في تدعيم تلك القيّم في فلسفاتها التربوية وتفعيلها نظرياً وتطبيقياً داخل مؤسساتها، وأن يكون لها دور في تفعيل نظام المساءلة والرقابة للقضاء على الفساد داخل تلك المؤسسات، وتطبيق الأنظمة والقوانيين والقضاء على الوساطة والمحسوبية.

كما إن لمسؤولياتنا الاجتماعية دوراً بالغ الأهمية في ترسيخ قيّم المواطنة وتعزيزها في نفوس أبنائنا، لذا يتوجب العمل على وضع أسس لبناء ذلك لكي نتمكن من تحقيق التنمية الثقافية الوطنية التي يمكنها أن تتصدى للهجمات الثقافية وتبني الشخصية الوطنية القادرة على فهم ما يدور حولها، وإدراكها المخاطر ومواجهتها، وكذلك يجب التعرف على أهم التهديدات التي تعترض قيّم المواطنة، وعلى أثرها لتنمية المفاهيم الايجابية لدى أبنائنا ولمواكبة الاتجاهات العالمية في هذا المجال، كما يتوجب العمل على القاء الضوء على تراث الوطن ومقدراته متمثلا في القيمة والواجب، وعلى العوامل السلبية والايجابية التي تؤثر في القيم والمبادئ، وكذلك على أهم المعايير الحقيقية لفهم المواطنة وإدراكها، والعمل على مراجعة البرامج والسياسات في التربية الوطنية لمواجهة سيل من التأثيرات المؤثرة على ذلك.

ولكي ننطلق إلى نجاح منظومة تنشئتنا الاجتماعية في إكساب الأفراد قدر كبير من الوعي بقيم المواطنة، ومحاولة الوقوف على معاني ودلالات تلك القيم ضمن شروط البيئة الاجتماعية، وفهم علاقتها بتنمية وتعزيز مسؤولية الأفراد تجاه ذواتهم وبيئتهم ومجتمعهم ووطنهم ككل، والسعي إلى تبيان الأسس التي ترتكز عليها قيم المواطنة في علاقتها بتنمية وتعزيز المسؤولية الاجتماعية لدى أفراد مجتمعاتنا العربية.

وندعو المولى عز وجل ان يحفظ اوطاننا العربية والإسلامية، ويديم عليها الأمن والأمان، والتقدم والازدهار، في ظل حكامنا ورؤسائنا وحكوماتنا الرشيدة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock