دين ودنيا

ستُ وصايا جامعة

د/محمد الشيخ
مدير مكتب الشرقيه

هذه الوصايا يقول عنها بعض أهل العلم أنها لا زالت بكراً، وكأنها تنزلت الآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

هذه الوصايا توضح معالم الطريق اثناء سيرك إلى الله و لا يستطيع أحد أن يسعى إلى الله إلا بها بعد مشيئة الله تعالى .

قال تعالى
يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنذِرْ (٢) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (٣) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (٥) وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ (٦) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ

الوصية الأولى

قُم فأنذر

خذ أمرك بالحزم والعزم والجد، قُم وبلّغ دين الله، قُم وأنذر الناس، لا تتوقف، لا تتململ، لا تتوانى لا تتراجع..

كُن حارثاً همْاماً، لا تكن فارغاً كسولاً.. فالفراغ يدمرك..يدمر إيمانك، يعطل طاقاتك ومواهبك، يٌدخلك في دوامة ضياع تجدُ بعدها أن عُمرك مضى وكأنه لاشئ.

وإياك والكسل فالكسلُ أصل كل خيبةٍ، و الكسلانُ لا يُدركُ خيراً ولا ينال مكرمةً..

لا تكن سلبياً عاجزاً فاتراً، اقطع الفتور عنك، شُدّ عُقدة العزم عندك، انزع نفسك من الحياة الفوضوية وابدأ الخطوة الأولى..
تعلّم، تغيّر، احفظ، راجع، اجتهد، اترك أثراً.
قيمة عمرك بقيمة ما تنجزه.. و لاتستسلم للإحباط والتثبيط والأوهام .

الوصية الثانية

وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ

لا يكن همك في هذه الدنيا إلا الله، ولا تعظم أحدا في قلبك أكثر من الله..
كن على يقين أنه لا أحد يستطيع أن يُقيم الدنيا ويقلبها ويغيرها في طرفة عين إلا الله..
مهما كان الذي أمامك كبيرا أو عظيما، وله سلطانٌ وله نفوذ، فاللهُ أكبر منه….

الله أكبر من كل همومنا، ومصائبنا، وأحزاننا..
ولكن من مكر الشيطان وكيده وتلاعبه بالإنسان فإنه يُعظم ويهول ويضخم الهم والحزن في قلبه، حتى يفتنه في دينه، ويفتنه في علمه وعبادته، ويصرفه عنها ويشتت قلبه ويقطع عليه الطريق..!

فالموحد يعلم أن الله له العدل التام المطلق فلا يظلم ربك أحدا..وأنه العليم الذي يعلم بعواقب الأمور ويعلم مالذي ينفع عباده ويُصلحهم..

وأنه سبحانه وبحمده ما أذن لشئ أن يقع إلا لحكمة، حتى الشر والمصائب والألم والأوجاع، ما وقع شئٌ إلا بإذنه وبعلمه وبحكمته وله الحكمة البالغة..

ويظل القَدر هو سِر الله في خلقه..
وعلى المرء أن لا يُغالب أقدار الله، ولا يُسئ الظن بالله، ولا ييأس من روح الله، ولا يشك في قدرة الله على الإتيان بالفرج..
إنه (التوحيد) أن يُحيط المؤمن نفسه بسياج التوحيد حتى لا تكسرهُ الدنيا بهمومها وفواجعها..
التوحيد يقويك، يقوي قلبك ويقينك، وتصغر العظائم في عينك وتهون العقبات والمعيقات عندك..
فالله الله في توحيدك…

الوصية الثالثة

وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ

العربُ تقول في كلامها “طاهر الثياب” كناية عن طهارة القلب.
فيصبح المعنى: طهر قلبك من الشوائب والدنس..

أهمُ وأفضلُ وأنفسُ وأشرفُ عضو فيك هو (قلبك)..!

التوحيد مكانه القلب، القرآن نزل على القلب..الإخلاص، الصدق، التقوى، المحبة، الخوف، الرجاء، الإخبات….كل هذه العبوديات مصدرها ومكانها القلب.

أعمال الجوارح تحتاج إلى قلب حتى يصل صاحبها إلى مرتبة الإحسان..

السيرُ إلى الله إنما هو سيرٌ بالقلوب لا بالصور والأشكال والأجسام..سيرُ القلوب الصالحة إلى الله..

القلب هو الأصل الذي تنطلقُ منه كل جوارحك…
فتدارك قلبك..!
واعتني به، وأري الله من قلبك خيرا، وألح على الله أن يُصلح لك قلبك حتى يعينك على السير…..

الوصية الرابعة

وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ

وأنت في طريق السير إلى الله احذر المعاصي، وعلى رأسها الشرك..!

اعلم أن المعاصي تُكبلك، تُقيدك، تُضعفُ سيرك، تطمس بصيرتك، تحجبُ التوفيق عنك، تُعيقك عن كل خير..

وكم من عاصٍ ظلّ عبداً لهواه، أسيراً لشهواته، يتقلبُ من معصية لمعصية فضاعَ منه قلبه وزاغ…!!

وإن أخطر وأشد عقوبات المعاصي حين تنزل العقوبة على القلب!
فيحول الله بينك وبين قلبك..
قد يعمى هذا القلب ويُصرف، قد يصغو وينحدر، قد يقسو ويُقذف فيه الوهن، أو قد ينفسخُ عزمه فمهما حدّث نفسه بالطاعة أو التوبة والإقلاع فإنه لا يُعان عليها ولا يُفتح له بابها، ويُحال بينه وبينها…

إنه شؤم المعصية على أصحابها
عياذا بالله.

الوصية الخامسة

وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ

وأنت تسير في الطريق …
مهما بذلت من معروف، ومهما هجرتَ من معاصي، ومهما وُفقت للطاعة والعبادة وأُجريَ من الخير على يديك فلله المنةُ عليك و ليس لك منةٌ على الله…

الله هو الذي اختارك واصطفاك واجتباك وأعانك ولولا تيسيره وتوفيقه لما تحقق هذا الخير على يديك فإياك والمنّة،
فالمنةُ تهدِمُ الصنيعة…!

وإن من علامة قبول العمل نسيانه واستصغاره، أن يُنسيكَ الله صنائع المعروف التي تصنعها للناس..

وتذكرْ..
أن أصدق الناس من يعملون بصمت…
لا يطلبون الشكر والعِوضَ من الناس،
فمن طلب الِعوضَ من الناس أبطل معاوضته مع الله….

يخافون من كثرة الشكر والثناء فربما أن شكر الناس وثنائهم يُنقصُ من شُكر الله لهم..

لا يتذمرون من كثرة الطلب وقضاء الحوائج ( فمن جعل الله حوائجَ الناس فلم يقم بها أوشك الله أن يرفعها منه إلى غيره.

الوصية السادسة

وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ

إذا رأيت كثرة الغارقين، وكثرة الهالكين والخائضين والمنتكسين ..
فاصبر، أنت على الطريق…!

اصبر على الاستقامة..
اصبر على القرآن..
اصبر على السنة..
اصبر على العلم…
يقول صلى الله عليه وسلم:”يأتي على الناس زمانٌ الصابر فيه على دينه كالقابض على الجمر” .

لا تغتر بما عندك من الهداية، ولا تتكل على صلاحك وإن كنت صالحاً، ولا على استقامتك وإن كنت مستقيماً، فكم من اُناسٍ ضّلوا وانقلبوا رأساً على عقب بعد الهداية ؟!

كن على حذر، واصبر على إيمانك وتوحيدك..
إياك والتلون..!
فالصادق لا يتلون ومقتضى الصدق أن تظلّ أنتَ أنتَ لا تتغير..

قل آمنتُ بالله ثم استقم على الطريق الذي بدايته هنا ونهايته الجنة..
جعلني الله وإياكم ووالدينا وذرارينا من أهلها…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock