علشان الناس تبطل (هري) ياريس…..
![](/wp-content/uploads/2021/07/FB_IMG_1626935045711-780x470.jpg)
محمد حسن حمادة يكتب حصريا لشبكة أخبار مصر:
ماأشبه الليلة بالبارحة وكأن عقارب الزمن قد عادت بنا إلى الوراء وكأننا نعيش عصر إعلام نكسة 5 يونيو 1967 وكأني بصوت الإذاعي الشهير أحمد سعيد رحمه الله بصوته الجهوري الحماسي يؤكد انتصار مصر الكاسح! في الوقت الذي دُكت فيه كل مطاراتنا الحربية ودمرت إسرائيل طائراتنا وهى رابضة على الأرض، الخسارة كانت فادحة مذلة، فقد استولت إسرائيل على الجولان السورية والضفة الغربية، واجتاحت القدس الشرقية وغزة واحتلت سيناء، مازلنا نعيش عصر الأكاذيب والتضليل والتهليل والتطبيل وكأن أحمد سعيد قد بعث من مرقده من جديد في صورة عمرو أديب وأحمد موسى ورفاقهما الذين يختلقون ويروجون لمزاعم واهية ونسوا أو تناسوا أننا نعيش عالم مابعد العولمة والحداثة والكوكبة، وعصر السماوات المفتوحة، فالعالم لم يعد قرية صغيرة بل حجرة واحدة صغيرة! كل زاوية فيها مفتوحة على الأخرى، من أفضل التعليقات التي راقت لي في وصف حال الإعلام المصري الحالي، أحد القراء الذي شبه إعلامنا بحال (سعيد الكهربائي) عندما همس بعضهم في أذن صاحبنا ذات يوم ناصحا: مراتك ماشية مع سعيد الكهربائي” فكان رده: (لا كهربائي ولابيفهم في الكهربا).
مابين الاحتفالات الإثيوبية والإنكار المصري كل المؤشرات والصور التي وردت عبر الأقمار الصناعية تظهر ملء بحيرة السد للحافة حتى غمرت المياه أعلى الممر الأوسط، الذي صمم ليكون هو المُصَرف للمياه الزائدة في حالة وجود فيضان، الإرتفاع الحالي قادر على تشغيل (توربينين من تروبينات) الكهرباء التي ستعمل على توليد الكهرباء خلال شهرين، أما عن المعدات التي رُفعت من السد فبسبب الأمطار والفيضانات لا لشئ آخر كما يروج إعلامنا! ما يؤكد نجاح إثيوبيا في عملية الملء الثاني: إعلان السودان عن انخفاض تدفق المياه وراء سد (الروصيرص) بنسبة50% من حصة مياهها المعتادة الواردة من النيل الأزرق.
إليكم بعض الحقائق ياسادة، بل الكوارث التي وقعنا فيها وحولها الإعلام المصري لنصر مبين كما يحدث الآن حيث يقوم الإعلام المصري بأكبر عملية خداع إستراتيجي لتخدير وتغييب الشعب المصري:
انتهت إثيوبيا من عملية الملء الثاني
حتى وإن لم تستطع إثيوبيا حجز كمية المياه التي وعدت بها لتحقيق المقصود من الملء الثاني للسد، حيث كان الملء المستهدف ثلاثة عشر مليارا ونصف المليار، وحتى الآن انتهى الملء الثاني للسد وماتم تخزينه تقريبا من ثلاث إلى أربعة مليارات متر مكعب فقط، لكنها ستعيد الكرة لاحقا في أغسطس فالمشكلة هنا هو نفاذ الإرادة الإثيوبية والقيام بعملية الملء منفردة وضرب عرض الحائط بدولتي المصب مصر والسودان!
خدعتنا إثيوبيا عندما جرتنا لماراثوان المفاوضات طيلة عشر سنوات.
نجحت إثيوبيا في تدويل قضية سد النهضة.
مصر الساداتية التي وقعت اتفافية (كامب دايفيد) تعاني الآن من أنياب تل أبيب في ملف سد النهضة.
الدب الروسي كالعادة يتخلى عن مصر في اللحظات المصيرية، ويعلن دعمه لإثيوبيا في العلن.
الصين البراجماتية ترفض المساس باستثماراتها في إثيوبيا.
منحنا إثيوبيا قبلة الحياة ووضعناها في مصاف الدول الكبرى، بعدما سمحنا لها بامتلاك سلاح دمار شامل يفوق القنبلة النووية فسد النهضة قنبلة مائية موقوتة في وجه السودان ومصر.
موقف السودان المتضرر الأول من سد النهضة، موقف سلبي متخاذل غير مفهوم سيتوقف أمامه التاريخ طويلا بالفحص والدرس والجلد.
خسرنا كثيرا عندما طرقنا أبواب مجلس الأمن للنظر في قضية سد النهضة، فمجلس الأمن هيئة أممية سياسية وليس هيئة فنية، لم نكسب من جولة مجلس الأمن بل على العكس وجدنا اجتماع القوى الكبرى على كلمة سواء ضد وجهة النظر المصرية وحقوقها التاريخية في مياه نهر النيل، ولم تفدنا الخطبة العنترية العصماء لوزير خارجيتنا المبجل.
من يصور لنا بأن زيارة وزير الخارجية المصري لحلف الناتو هو نصر مؤزر وضربة سياسية (لولبية) على رقعة الشطرنج كرد على التعاون الإثيوبي الروسي فليراجع حساباته فالزيارة كانت نوعا من أنواع الاستجداء ورمي الكارت الأخير في وجه أوروبا بتخويفهم من خطر الهجرة غير الشرعية للمصريين حال اكتمال أو انهيار السد لاقدر الله.
وزارة الخارجية المصرية فشلت فشلا ذريعا في ملف سد النهضة.
الجامعة العربية التي كانت تقود الحرب ضد عراق صدام حسين تفشل حتى في التمثيل ولو كذبا بإظهار موقف موحد داعم لمصر، بل ذهابنا للجامعة العربية في ملف سد النهضة كان وبالا علينا فقد وحد أفريقيا ضدنا.
لابد أن نكون صرحاء مع الشعب ونعترف بشجاعة أن: الاستثمارات الإماراتية والسعودية والقطرية والكويتية في سد النهضة خاصة وفي إثيوبيا بصفة عامة أضعفت موقف مصر وهذه الاستثمارات كانت ورقة ضغط علينا ولم تكن في صالحنا أبدا “.
نحن في موقف لانحسد عليه، نحتاج لمراجعة شاملة لهذا الملف، و(علشان الناس تبطل هري ياريس) البداية بمصارحة الشعب بالحقيقة ومكاشفته بالمسكوت عنه في هذا الملف، لنشرح للناس أضرار السد وما اتخذته مصر من إجراءات لتقليل حدة آثاره السلبية، لنوضح للشعب المصري بكل شفافية أين تقف مصر الآن، لم نعبر هزيمة 5 يونيو 1967 إلا بعدما تعاطينا مع الأمر الواقع واعترفنا بالهزيمة ثم قمنا برفع آثار العدوان، لنبدأ حرب الاستنزاف، ولم نصل لنصر أكتوبر 1973 إلا بتغيير العقلية والأفكار.