دين ودنيا

وقفه مع الإسلام فى زمن الإنترنت ” الجزء السادس عشر “

٠إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء السادس عشر مع الإسلام فى زمن الإنترنت، والرائج في المجتمعات العربية حاليا هو وجود مسلسلات مدبلجة من تركيا والمكسيك، والهند وكوريا وأمريكا، وأما السائد في الدبلجة، فهو استخدام اللهجة السورية خصوصا، ويعد التلفاز من أكثر الوسائل الإعلامية انتشارا بين فئات المجتمع المختلفة، ومن أشدها تأثيرا مقارنة بالوسائط الإعلامية الأخرى، فنجد هذا الجهاز يبث الغث والسمين، ويستقطب الصغار والشباب، الرجال والنساء، ولعل المسلسلات المدبلجة قد أخذت نصيبا معتبرا من أوقات تتبع البرامج التلفزية، فنلفيها قد أثرت بطريقة سلبية على سلوك شبابنا وجعلته يتشرب قيما دخيلة عنه، وفي ذلك تنافست الكثير من القنوات الفضائية العربية، محاوِلة صرف أبصار الشباب عن الطيب إلى الخبيث، كيف لا والعين مرآة القلب؟

ولذلك كانت اللحظات هي التي تولد الخطرات فاللفظات فالخطوات، فإن هذه المسلسلات تسلسل عقول المتتبعين، ولا سيما المراهقين وهم في هذه الفترة الحرجة من حياتهم بحكايات قيس وليلى في القرن الحادي والعشرين، فتعلق ملامح التبرج والسفور في عقولهم ويصير الحرام حلالا والممنوع مرغوبا بشدة، تمهيدا للتحرر تدريجيا من قيم المجتمع الإسلامية، ونرصد الآن أهم ما تدعو إليه تلك المسلسلات من قيم دخيلة على مجتمعاتنا المسلمة، والتي تنعكس على مسار تربية المراهق وسلوكه، وما كان هذا ليحدث لولا وجود كم معتبر من القنوات التي ديدنها إفساد أخلاق شبابنا، وتزيين الباطل لهم، وتقريب المنكرات منهم وهم جالسون في عقر ديارهم لأنه باختصار، غزو ثقافي منظم يسعى لعلمنة المجتمع المسلم، وهو تغريب المرأة المسلمة.

من خلال تقديم النموذج الغربي البراق من الاختلاط، والحرية المطلقة، التبرج، التملص من الواجبات الأسرية، وغير ذلك، وكلها أساليب جعل منها الغرب طريقه لدخول المجتمع الإسلامي، متخذين أبواقا عديدة يتصدرهم الإعلام والعلمانيون، وإن توظيف الإعلام من أجل تغريب المرأة المسلمة هي محاولة في طريق تغريب المجتمع المسلم كله لأن المرأة هي نصف المجتمع وولدت النصف الآخر، وهذا مما لا يخفى على ذي بصر، فكيف بذي بصيرة؟ وإن ما تقدمه المسلسلات المدبلجة من نموذج حياة، يدعو بطريقة غير مباشرة لإبراز المرأة الغربية وقد تجردت من قيود المجتمع، لها الحرية المطلقة، لا يشوب حياتها سوى أخت لها أرادت بها مكرا بسلب صديقها، أو تدبير المكائد لها مثلما هو شأن المسلسلات الآتية من المكسيك وأمريكا، وكوريا والهند.

ولا يختلف الأمر بالنسبة للمسلسلات التركية التي تبين المرأة المسلمة بنفس الطريقة، وذلك أمرّ وأشد وطأة على قلوب من يدرك مدى تأثير مثل هذا الأمر على نفوس الفتيات والنساء المسلمات، اللواتي يبهرهن هذا النموذج الحياتي، ويحسبن أن المرأة الغربية في أحسن أحوالها، كيف لا والمساواة قائمة والحرية موجودة، ومما يندرج تحت محاولة تغريب المرأة المسلمة، عن طريق بث القيم غير الإسلامية التي تبثها المسلسلات المدبلجة هو تشجيع المرأة على المطالبة بالمساواة مع الرجل، حيث تعرض مختلف المسلسلات المدبلجة المرأة ندّا للندّ مع الرجل، تفعل ما يفعل، وتسعى إلى ما يسعى إليه، وتطالب بما هو حق له ليكون حقا لها أيضا، إنها دعوة غير مباشرة للمرأة المسلمة لتحذو حذوها، يا لها من دعوة زائفة، بأصوات تحاكي الغرب وتنعق بما اتفق.

ويا له من شعار أجوف، وتمرد على الأخلاق والطبيعة الإنسانية وانتكاس للفطرة، بل تمرد على المصطلحات أيضا، فأي مساواة يقصدون؟ ولعل الجواب المختصر هو تغريب المرأة المسلمة لأن طلب المساواة هو جزء من هذا المخطط، إنهم يريدون إبعاد المرأة عن دورها الأساسي في مملكتها، وتقويض نظام الأسرة التي تبنى بها المجتمعات، إنهم يودون من المرأة المسلمة مزاحمة الرجال في الوظائف التي لا تستقيم لأنثى ولا تتوافق مع طبيعة المرأة، إنهم يريدون إشاعة روح العداء والتحدي بين المرأة والرجل، دعوة أطلقها الغرب وتلقفتها عقول أذيالهم من دعاة تحرير المرأة في مجتمعاتنا، وما تلك المسلسلات إلا حلقة من حلقات التغريب، وإن الإسلام قد أعطى المرأة حقوقا، وفرض عليها واجبات، ولم يفرق بينها وبين الرجل، فقال تعالى فى سورة البقرة ” ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock