دين ودنيا

وقفه مع بُني الإسلام على خمس ” الجزء الخامس “

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الخامس مع بُني الإسلام على خمس، وأن العبادة لا تتم ولا تقبل إلا بأمرين وهما الإخلاص لله تعالى، ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم، كما جاء في قوله تعالى فى سورة الكهف ” فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا” والملاحظ هنا أن الحديث فسّر الإسلام هنا بالأعمال الظاهرة، وذلك لأن الإسلام والإيمان قد اجتمعا في سياق واحد، وحينئذ يفسر الإسلام بالأعمال الظاهرة كما أشرنا، ويفسر الإيمان بالأعمال الباطنة من الاعتقادات وأعمال القلوب، أما الإيمان فيتضمن أمورا ثلاثة وهو الإقرار بالقلب، والنطق باللسان، والعمل بالجوارح والأركان، فالإقرار بالقلب معناه أن يصدق بقلبه كل ما ورد عن الله تعالى.

وعن رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم من الشرع الحكيم، ويسلم به ويذعن له، ولذلك امتدح الله المؤمنين ووصفهم بقوله فى سورة الحجرات” إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا” ويقابل ذلك النفاق، فالمنافقون مسلمون في الظاهر، يأتون بشعائر الدين مع المسلمين، لكنهم يبطنون الكفر والبغض للدين، والمقصود بالنطق باللسان هو النطق بالشهادتين، ولا يكفي مجرد الاعتراف بوجود الله، والإقرار بنبوة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم دون أن يتلفّظ بالشهادتين، بدليل أن المشركين كانوا يقرون بأن الله هو الخالق الرازق المدبر، كما قال عزوجل فى سورة يونس” قل من يرزقكم من السماء والأرض أم من يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله”

ولكنهم امتنعوا عن قول كلمة التوحيد، واستكبروا، فيقول تعالى فى سورة الصافات “إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون” وها هو أبوطالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقر بنبوة ابن أخيه، ويدافع عنه وينصره، بل كان يقول ولقد علمت بأن دين محمد من خير أديان البريّة دينا، لولا الملامة أو حذار مسبّة لوجدتني سمحا بذاك مبينا، فلم ينفعه ذلك، ولم يخرجه من النار، لأنه لم يقبل أن يقول كلمة الإيمان ومفتاح الجنة، ولهذا كانت هذه الكلمة هي التي تعصم أموال الناس، وتحقن دماءهم، ففي الحديث الصحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة.

فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله” متفق عليه، وقد أجمع العلماء على أن من لم ينطق الشهادتين بلسانه مع قدرته، فإنه لا يُعتبر داخلا في الإسلام، أما العمل بمقتضى هذا الإيمان، فهو قضية من أعظم القضايا التي غفل الناس عن فهمها، فالإيمان لا يمكن أن يتحقق إلا بالعمل، والشريعة مليئة بالنصوص القاطعة الدالة على ركنيّة العمل لصحة الإيمان، فقد قال الله تعالى فى سورة النور ” ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين” ولا شك أن ترك العمل بدين الله من أعظم التولي عن طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وبهذا يتبين لك ضلال من ابتعد عن نور الله، وترك العمل بشريعته.

فإذا نصحته بصلاة أو زكاة احتج لك بأن الإيمان في القلب، ونسي أن العمل يصدق ذلك أو يكذبه، كما قال الحسن البصرى رحمه الله، إذ لو كان إيمانه صادقا لأورث العمل، وأثمر الفعل، كما قيل والدعاوى ما لم يقيموا عليها بينات أصحابها أدعياء، وإذا كان الإيمان متضمنا لتلك الأمور الثلاثة، لزم أن يزيد وينقص، وبيان ذلك أن الإقرار بالقلب يتفاوت من شخص لآخر، ومن حالة إلى أخرى، فلا شك أن يقين الصحابة بربهم ليس كغيرهم، بل الشخص الواحد قد تمرّ عليه لحظات من قوة اليقين بالله حتى كأنه يرى الجنة والنار، وقد تتخلله لحظات ضعف وفتور فيخفّ يقينه، كما قال حنظلة رضي الله عنه ” نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا بالنار والجنة حتى كأنها رأي عين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock