دين ودنيا

وقفه مع الشورى فى معركة أحد ” الجزء السابع “

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء السابع مع الشورى فى غزوة أحد، وقد توقفنا عندما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتيبة لا يعرفها فسأل عنها، فقيل حلفاء عبدالله بن أبى من يهود، فقال عليه السلام ” لا تستنصروا بأهل الشرك على أهل الشرك” وقد صلى الرسول صلى الله عليه وسلم مع المسلمين المغرب بالشيخين، ثم استعرض المقاتلين، فأجاز مَن رأى فيهم القدرة من الشباب على القتال، ورد مَن استصغر سنه، وقد حدث أثناء العرض أمثلة رائعة من الشباب الحريص على الجهاد والاستشهاد في سبيل الله لنصرة دينه، فقد استصغر الرسول صلى الله عليه وسلم رافع بن خديج، وسمرة ابن جندب وعمرهما خمسة عشر عاما فقام رافع على خفين له فيهما رقاع، وتطاول على أطراف أصابعه، وزكى بعض المسلمين رافعا بأنه رام، فأجازه الرسول عليه السلام فذهب سمرة لربيبه مُرّى بن سنان، وقال يا أبت أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم رافع بن خديج، وردّني وأنا أصرع رافعا، فقال مُرّى بن سنان يا رسول الله، رددت ابني وأجزت رافع بن خديج.

وابني يصرعه، فقال النبي عليه الصلاة والسلام لرافع وسمرة تصارعا، فصرع سمرة رافعا، فأجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهد أحدا مع المسلمين، فقضى المسلمون الليل بالشيخين، وكلف الرسول صلى الله عليه وسلم خمسين رجلا عليهم محمد بن مسلمة بحراسة المعسكر والطواف حوله، وأدلج الرسول صلى الله عليه وسلم بالجيش في السحر متجها إلى أحد، حتى إذا كانوا بالشط بين المدينة وأحد، انخذل عبدالله بن أبى المنافق بثلث الناس من أهل النفاق والريب، ورجع وهو يقول عصاني وأطاع الولدان ومَن لا رأي له، علام نقتل أنفسنا ها هنا أيها الناس؟ وإن رجوع ذلك العدد الكبير مع ابن أبى في ذلك الموقف الدقيق يوم أحد، يدل على وجود كثير من المنافقين في المدينة آنذاك، وهو أمر خطير ومخيف حقّا أن يصل العدد إلى نسبة الثلث من الجيش، ولكن ذلك لم يؤثر في معنويات المؤمنين الصادقين، فقال عبدالله بن حرام بعد أن ذكر المنافقين بألا يخذلوا قومهم ونبيهم، فأصروا على الرجوع ” سيُغنى الله عنكم نبيه”

ومضي الرسول صلى الله عليه وسلم فيمن بقى معه وهم سبعمائة رجل، فيهم مائة دارع، وخمسون راميا، وفرس له وفرس “لأبي بردة بن نيار، حتى وصل أحدا، فجعله خلف ظهره واستقبل المدينة، وأقبل الرسول صلى الله عليه وسلم يصف أصحابه، وجعل لهم ميمنة وميسرة، وقال لهم لا يقاتلن أحد منكم حتى نأمره بقتال، فالمسلمون عليهم أن يقاتلوا بنظام وبدقة، ويتحلوا بصفة الضبط والربط عند القتال، وقد أمّر الرسول صلى الله عليه وسلم على الرماة “عبدالله بن جبير” وأمره بالوقوف على شعب في الجبل ليحمي مؤخرة الجيش، وقال له ” انضح الخيل عنا بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت لنا أو علينا، فاثبت مكانك لا نُؤتين من قبلك” وبذلك اطمأن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إلى تأمين مؤخرة الجيش، وإلى حُسن الاستعداد فيه، وقد ظاهر بين درعين، ودفع اللواء إلى مصعب بن عُمير، وأحب رسول الله عليه الصلاة والسلام أن يشحذ رجاله وخاصة الأبطال منهم، فحضّهم على القتال، ووعدهم النصر ما صبروا.

ثم أمسك بيده سيفا، وقال من يأخذ هذا بحقه، فقام إليه رجال، فأمسكه عنهم، حتى قام “أبو دُجانة وهو سِماك بن خرشة” وكان رجلا شجاعا له عصابة حمراء، إذا اعتصب بها، عُلم أنه سيقاتل أشد قتال، فقال وما حقه يا رسول الله؟ قال أن تضرب به العدو حتى ينحني، قال أنا آخذه بحقه يا رسول الله، فأخذ السيف من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرج عصابته، فعصب بها رأسه، وجعل يَتبختر بين الصفين ويقول أنا الذي عاهدني خليلى، ونحن بالسفح لدى النخيل، ألا أَقوم الدهر في الكيول، أَضرب سيف الله والرسول، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم حين رأى أبا دُجانة يتبختر” إنها لمشية يبغضها الله إلا في مثل هذا الموطن” وكان ذلك تمام استعداد السبعمائة من المسلمين لقتال ثلاثة آلاف من المشركين، وحاول أبو سفيان أن يستغل كل الطرق ليفرق المسلمين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يتمكن منه، فأرسل رسولا إلى الأوس والخزرج ليقول لهم خلوا بيننا وبين ابن عمنا فإنه لا حاجة لنا بقتالكم.

ولكن مسلمي يثرب ردوا رسوله بما يكره” عند ذلك بدأت محاولة ثانية حيث تقدم أبو عامر وكان رأس الأوس في الجاهلية، فلما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، عادى المسلمين، ثم ذهب إلى قريش يؤلبهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحضهم على قتاله، ووعدهم بأن قومه إذا رأوه أطاعوه ومالوا معه، فلما التقى الجمعان، كان أول مَن لقي المسلمين أبو عامر في الأحابيش، وعُبدان أهل مكة، فنادى قومه وتعرف إليهم، فقالوا له لا أنعم الله بك عينا يا فاسق، فقال لقد أصاب قومي بعدي شر، ثم ترامى مع المسلمين بالحجارة حتى ولى أبو عامر وأصحابه، وهكذا فشلت كل أساليب أبي سفيان في تفريق أهل المدينة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عند ذلك أخذ نساء المشركين يضربن بالدفوف خلف الرجال ويحرضنهم على القتال، ودنا القوم بعضهم من بعض، والرماة يرشقون خيل المشركين بالنبل، فتولي مدبرة، وهنا صاح طلحة بن أبي طلحة حامل لواء قريش من يبارز؟ فخرج إليه علي بن أبي طالب، فصرعه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock