دين ودنيا

وقفه مع الشورى فى معركة أحد ” الجزء الثامن “

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثامن مع الشورى فى غزوة أحد، وقد توقفنا عندما صاح طلحة بن أبي طلحة حامل لواء قريش من يبارز؟ فخرج إليه علي بن أبي طالب، فصرعه، فسُر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبّر المسلمون وأخذ بنو عبدالدار يتقدمون يحملون اللواء واحدا بعد الآخر، فيلقي كل منهم مصرعه على يد علي وحمزة وغيرهما من أبطال المسلمين، حتى قتل منهم عشرة رجال، وسقط اللواء من أيديهم وظل صريعا إلى أن أخذته “عمرة بنت علقمة الحارثية” فرفعته لقريش، فلاثَوا به، بعد أن تغيّر الوضع واشتد القتال بين المسلمين والمشركين، وأبلى المسلمون بلاء حسنا، وصدقوا الحملة على المشركين، فلما قتل حملة اللواء، ولى المشركون منهزمين، لا يلوون على شيء، وفرّت النساء حتى كدن يُؤخذن أسيرات، وتغلب المسلمون على جيش المشركين حتى أجلوهم عن المعسكر، وأخذوا يستولون على ما في المعسكر من الغنائم وما أكثرها، وصرفهم ذلك عن اتباع عدوهم، وحُق لهم قول الله تعالى كما جاء فى سورة آل عمران.

” ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه” فكان لهم النصر في بداية المعركة، إلا أنهم عصوا الرسول صلى الله عليه وسلم فتغير الوضع، فكان ضياع الانتصار بسبب العصيان، وكان الواجب على المسلمين بعد أن مكن الله عددهم القليل من التغلب في بداية المعركة على عدوهم الكثير أن يستمروا في حملتهم على عدوهم حتى تتم الهزيمة كاملة، كما حدث في بدر، ولكن يبدو أن الغنائم الكثيرة جذبتهم إليها عندما فر العدو، فانطلق كثير منهم إلى جمعها، ورأى الرماة فرار المشركين، وانصراف المسلمين إلى جمع الغنائم، فظن الكثير منهم أن المعركة قد انتهت، وأن لهم أن يحصلوا على الغنائم مثل بقية الجيش، غافلين عن وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا قد انهزم المشركون، فما مقامنا هنا؟ وظنوا أن ليس للمشركين رجعة، فذكرهم أميرهم “عبدالله بن جُبير” بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا لم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك وانطلقوا في طلب الغنيمة، ولم يبق سوى أميرهم في نفر يسير دون العشرة.

يحمون ظهور المسلمين، وهنا اهتبل خالد بن الوليد فرصةَ قلة الرماة، وكان على خيل المشركين، فكرّ على مَن بقي من الرماة فقتلهم، وانقض على المسلمين من خلفهم، فأوقع الذعر في صفوفهم، ورأى الفارون من قريش تغير الوضع في صالحهم، فعادوا أدراجهم يلتفون حول لوائهم الذى رفعته ابنة علقمة الحارثية بعدما مرغ فى التراب، وأحيط بالمسلمين وصاروا بين شِقي الرمى، فتركوا مغانمهم، وعادوا إلى سيوفهم يستلونها ليدافعوا عن أنفسهم، فاستشهد كثير منهم، واختل توازن المسلمين حتى قتل بعضهم بعضا، وهم يحاولون النجاة من هذا المأزق الذى حلّ بهم، وشدد المشركون الحملة على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وصلوا قريبا منه، فجرحوا وجهه، وكمّروا رباعيته، وهشموا البيضة على رأسه، ودخلت حلقتان من حلق المغفر الذى يستر به وجهه في وجنته، وعلاه ابن قميئة بالسيف، فضربه على شقه الأيمن، واتقاه طلحة بن عبيدالله بيده، فشلت إِصبعه، وادّعى ابن قميئة أنه قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وشاع ذلك بين المسلمين، فتفرق بعضهم حتى وصل المدينة، وألقى بعضهم بيده إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم جعل يدعو الناس إليّ عباد الله، إليّ عباد الله، فاجتمع إليه ثلاثون رجلا، قاتلوا دونه، وقاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد قتالا شديدا، فرمى بالنبل حتى فنى نبله، وانقطع طرف قوسه، وفرح المسلمون بنجاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبكذب دعوى ابن قميئة، فأقبلوا إليه يسيرون معه نحو الشّعب مصعدين في الجبل، يحمونه بأرواحهم، ويدفعون عنه بكل ما يملكون، وأقبل أبى بن خلف من صفوف المشركين، وهو يقول أين محمد لا نجوت إن نجا؟ فأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم الحربة من الحارث بن الصمة، ثم استقبله بها، فطعنه في عنقه طعنة تقلب منها على فرسه مرارا، ثم عاد أدراجه ليموت في طريق عودته إلى مكة، وقد حاولت قريش أن تجعل المعركة فاصلة، وتجهز على الرسول صلى الله عليه وسلم ومن انضم إليه من صحابته، فصارت السهام تنثال عليه من كل جانب، إلا أن المسلمين ضربوا مثلا رائعا.

في حماية الرسول صلى الله عليه وسلم وافتدائه بأنفسهم، فاستشهد بين يديه عدد منهم، وترّس أبو دجانة بنفسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم يقع النبل في ظهره وهو مُنحن عليه، حتى كثر فيه النبل، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يناول سعد بن أبي وقاص النبل، ويقول له ” ارمى فداك أبي وأمى” وضعُفت قوة قريش أمام شجاعة المسلمين وإصرارهم على حماية الرسول صلى الله عليه وسلم والاستماتة في القتال دونه، وعدم تمكينهم من القضاء عليه، فقنعت قريش بما أصابت في الجولة الثانية من شهداء المسلمين ثأرا لمن قتل منها في بدر، وانطلقت نساء قريش الحانقات على شهداء أبطال المسلمين يمثلون بهم، ويقطعون أنوفهم وآذانهم، وبقرت هند زوجة أبي سفيان بطن حمزة، وأخذت كبده فلاكته ومضغته، إلا أنها لم تستطع أن تسيغه، فلفظته، يشفون بذلك حقدهن وغيظهن مما حدث لهن في بدر، وعندما شعرت قريش بأنها لن تستطيع أن تجعل المعركة فاصلة، فتقضي على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذت في دفن قتلاها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock