وقفه مع الإستعداد لشهر رمضان ” الجزء السابع “
إعداد / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء السابع مع الإستعداد لشهر رمضان، وكان حال السلف فى الاستعداد لرمضان فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى للسلف الصالح في كافة جوانب الحياة في المعاملات، والعبادات، والصلاة، والصيام، وغيرها من صالح الأعمال، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعد لشهر رمضان المبارك بالأعمال الصالحة، ومنها الصيام فقد ثبت أنه كان يصوم شهر شعبان استعدادا لقدوم شهر رمضان وقد وضح ابن رجب رحمه الله في كتابه لطائف المعارف أن صيام شعبان يُعد تمرينا على الصيام في رمضان وذلك حتى لا يشعر الصائم بالتعب والمشقة أثناء صيامه رمضان، بالإضافة إلى أن الصائم يجد حلاوة الصيام في شعبان، فيبدأ صيام رمضان بنشاط وقوة، ومن صور استعداد السلف الصالح رحمهم الله لاستقبال رمضان أنهم كانوا يقضون ما عليهم من صيام قبل دخول رمضان، وثبت أيضا أنهم كانوا يستعدون لاستقبال شهر رمضان المبارك بالدعاء، كما قال يحيى بن أبي كثير رحمه الله، كان من دعائهم.
“اللهم سلمني إلى رمضان، وسلم لي رمضان، وتسلمه منى متقبلا” وكان السلف الصالح يفرحون لقدوم شهر رمضان المبارك فرحا شديدا، وذلك لأن صيامه ركن من أركان الإسلام، ومن أحوال السلف الصالح رحمهم الله في رمضان أنهم كانوا يعودون أنفسهم خلاله على صيام النافلة فيما بعد وذلك لأن الصيام سبب لاجتناب عذاب جهنم وكانوا يدربون أنفسهم على قيام الليل، فقال سعيد بن المُسيِّب “إن الرجل ليصلى بالليل، فيجعل الله في وجهه نورا يحبه عليه كل مسلم، فيراه من لم يره قط، فيقول إني لأحب هذا الرجل” ومن هديهم في رمضان الإكثار من تلاوة القرآن الكريم فقد رُوى أن البخاري رحمه الله كان يختم القرآن الكريم في رمضان كل يوم، وكان سفيان الثورى يترك الأعمال كلها في رمضان، ويقبِل على تلاوة القرآن الكريم كيفية استقبال شهر رمضان يجدر بالمسلم أن يحسن استقبال شهر رمضان المبارك، ويمكن تحقيق ذلك بعدة أمور، يذكر منها سؤال الله تعالى بلوغ شهر رمضان بالصحة والعافية، والإعانة على الاجتهاد والنشاط.
بالعبادة فيه شكر الله تعالى وحمده على بلوغ رمضان، والفرح والسرور بقدوم شهر رمضان، والابتهاج بدخوله وحلوله على المسلمين، والتخطيط الجيد للاستفادة من رمضان، والعزم على الجد فى الطاعات والعبادات فيه، وتعلم أحكام رمضان وأحكام صيامه، فلا يجوز للمسلم أن يجهل فرائض الله تعالى، بل يجب عليه أن يعبده على علم وبصيرة، وقراءة بعض الكتب والرسائل وسماع بعض المحاضرات الدينية حول رمضان المبارك، وما فيه من فضائل وأحكام استعدادا نفسيا لاستقباله، الإعداد للدعوة إلى الله تعالى، في شهر رمضان المبارك، وإن أهمية استقبال شهر رمضان تكمن فى أن شهر رمضان المبارك هو شهر الصيام والعبادة، وشهر السمو بالأرواح، والارتقاء بها عن كل ما يلوثها، فالله تعالى قد شرع الصيام فيه ليطهر به أراوح العباد، ويحفظهم من طغيان شهوات الجسد، لا ليعانوا فيه من آلام الجوع والعطش، وقد شرع سبحانه فيه الإكثار من ذكره، وتلاوة آياته، والتهجد بين يديه في الصلاة، ولذلك كله يجدر بالمسلم.
أن يعد العدة لاستقبال رمضان، فيحاسب نفسه على ما مضى، ويسأله التوفيق، ولقد فرض الله تعالى على المسلمين صيام شهر رمضان المبارك في السنة الثانية للهجرة النبوية الشريفة، وذلك في شهر شعبان منها، فصام الرسول صلى الله عليه وسلم تسعة رمضانات في حياته، وصيام رمضان ركن ثابت من أركان الإسلام كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم وقد دلت الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة على وجوبه في حق المسلمين، كما أجمع العلماء على كفر من أنكره، وقد ميّز الله شهر رمضان بالعديد من الفضائل، فهو الشهر الذي نزل فيه القرآن الكريم، وجعل فيه ليلة القدر، التى هي خير من ألف شهر، كما خصه بإجابة الدعاء، والعتق من النيران، وكما جعل ثواب العمرة فيه كثواب الحج إلى بيت الله الحرام، ويعرف الصيام بأنه التعبد لله تعالى بالإمساك عن المفطرات، من طلوع الفجر الثانى إلى حين غروب الشمس، ويشترط لوجوب الصيام على الإنسان عدة شروط، وهى الإسلام، والبلوغ، والعقل، والطهارة.
والإقامة بحيث يكون مقيما في بلده، فلا يجب الصيام على المسافر بل يباح له الإفطار، وكذلك القدرة، وأما عن مفسدات الصيام أو المفطرات، فهى سبعة أنواع، وهى الجماع، وهي أعظم أنواع المفطرات إثما، والاستمناء، أى إنزال المنى باليد ونحو ذلك، والأكل والشرب، وما كان بمعنى الأكل والشرب، كحقن الدم والحقن المغذية، والاحتجام، والتقيؤ بشكل متعمد، وخروج دم الحيض أو النفاس من المرأة، آداب صيام رمضان لصيام شهر رمضان آداب يجدر بالمسلم أن يتحلى بها، ومنها إخلاص النية في الصيام لله تعالى، بأن يبتغي المسلم من صيامه رضا الله عنه، ونيل الأجر الجزيل منه، المواظبة على وجبة السحور، كما أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم، الانشغال بمختلف أنواع الطاعات والعبادات أثناء الصيام من تهليل وتكبير وصلاة ودعاء ونحو ذلك، والانشغال بالقيام وقراءة القرآن أثناء الليل، والاجتهاد في حفظ الصيام من لغو الكلام، وشهادة الزور، ومختلف المعاصى والسيئات، وأيضا الإعراض عن المراء والجدال والسباب ونحوها.
فالأصل في الصائم أن يكون حليما مسيطرا على مشاعره، وأداء الصلوات في وقتها، وتعجيل الإفطار عند دخول وقت المغرب، والبدء عند الإفطار بأكل الرطب، فإن لم يجد الصائم رطبا أكل شيئا من التمر، وإن لم يجد شرب الماء، وأما عن الحكمة من مشروعية صيام رمضان فإن لتشريع صيام رمضان حكم عديدة، ومنها هو تحقيق التقوى، والشعور بنعم الله تعالى والتذكير بأحوال الفقراء والمساكين، وقهر الشيطان وطرده، والإعانة في كسر حدة الشهوة، والتخلق بالصبر، والانضباط، والنظام، والأمانة، ونحوها من الأخلاق العظيمة، توحيد المسلمين، كسب قوة البدن وصحته وعافيته، وإن شهر رمضان على الرغم من تماثل الأزمنة في نفسها إلا أنها تتفاضل في الخير والهداية الحاصلة فيها، وقد خص الله تعالى شهر رمضان المبارك بعدد من المزايا التي تكسبه حرمة، وتزيد من إقبال الناس على الأعمال الصالحة خلاله، ومن خصائص شهر رمضان أن الله تعالى أنزل فيه كتابه الحكيم، ليطهر به القلوب ويملأ العقول حكمة.
حيث أنزل الله تعالى فيه القرآن الكريم إلى السماء الدنيا جملة واحدة، أو ابتداء نزول القرآن فيه، ثم تنزلت آياته بحسب ما تقتضيه حكمة الله تعالى، ومما يميز شهر رمضان أن الله تعالى فرض على المسلمين الصيام في نهاره، وتجدر الإشارة إلى أن للصيام أثارا عظيمة على العباد، إذ إنه يزكى أخلاقهم، ويطهر قلوبهم، ويُصلح أنفسهم، وليس المقصود من الصوم تعذيب النفس بالجوع والعطش، بل تطهيرها وتزكيتها وقد حث الشارع على الإنفاق فى سُبل الخير كافة فى رمضان لما له من فضل في هذا الشهر على سائر الشهور، مصداقا لما روى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناسِ بالخير وكان أجود ما يكون فى رمضان” ومن الأعمال الفاضلة فى رمضان تلاوة القرآن الكريم، وقيام الليل، والتهجد، ومن أهم مزايا شهر رمضان المبارك أنه كان الشهر الذى فتحت فيه مكة فاستوثقت به عرى دولة الإسلام، وارتفعت بسببه كلمة الإسلام فى بلاد العرب، وكان حجر الأساس في الفتوحات الإسلامية فى الشرق والغرب.