مقالات

اجن العسل ….ولا تكسر الخليه !!

د/ محمد الشيخ

ما معني هذا المثل في رفع أو مقاومة الحزن، والحيلولة دون اجتياحه حياة الإنسان؟.
إن الحزن تأتي رياحه من سوء علاقة الإنسان بنفسه أو بالناس.. والعنف والجفاء والصلف والتعالي والغطرسة هم أعداء المحبة والوئام. أليس في الحديث النبوي أن الرفق ما كان في شيء إلاّ زانه.. وما نُزِعَ من شيء إلاّ شانه.. هذا اللين يتجلي في كلمة طيبة أو بسمة حانية.. إن طالب العسل لن ينال منه قطرة إذا كسر وأتلف الخلية، وهو يجده حين يشاء طالما بقيت الخلية ملاذاً للنحل ومكاناً لشهد العسل الذي يفرزه. كذلك علاقة الإنسان بالإنسان.. الرفق في المعاملات هو مفتاح القلوب، والله سبحانه وتعالي يعطي الرفق ما لايعطي علي العنف.. اكتساب الأصدقاء فن مدروس قوامه جسور المحبة والمشاعر الإنسانية الفياضة.. دستور السعداء، مهما جنح الآخرون، هو نداء القرآن الحكيم: »ادْفَعْ بِالَّتِي هِي أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَينَكَ وَبَينَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِي حَمِيمٌ«.. فالرفق يكفكف أحزان الآخرين، وينزع الغل والغضب، ويفتح أبواب المحبات.. الرفق مفتاح لكل العواطف الجياشة، وطاقة لا تنفد للمشاعر الطيبة والحلم الدافيء ونسيان الإساءة والصفح الجميل..

في حديث رسول القرآن عليه السلام: »المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس علي دمائهم وأموالهم«.. وإنه عليه السلام ليقول محفزاً أصحابه: »إن الله أمرني أن أصل من قطعني، وأن أعفو عمن ظلمني، وأن أعطي من حرمني«.. هذا هو ما قال فيه القرآن

المجيد في وصف المؤمنين الذين مثواهم الجنة: »وَالْكَاظِمِينَ الْغَيظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ«.. وبشر هؤلاء بثواب عاجل من الطمأنينة والسكينة والسلام.. وهم ممن قال تبارك وتعالي فيهم إنهم إلي جوار ربهم الغفور الرحيم، في جنات ونهر »فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ«.

لا شيء كالذكر في تعمير القلوب وزراعة اليقين.. الذكر هو الجسر الموصول إلي رب العالمين.. قال فيه القرآن المجيد »وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ«.. فلا عمل أشرح للصدر وقربة من الله، إلاّ ذكره عزّ وجـل.. »أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ«.. من اطمأن في رحاب ربه بحسن ذكره، هانت أمامه صعاب وهموم وأحزان الدنيا.. فبذكره سبحانه وتعالي تنقشع سحب الخوف والفزع والهمّ والحزن، وتنزاح الكروب والمنغصات، ويرتاح الذاكرون وهم بذكرهم في حضرة ربهم الذي لا تغفل عينه سبحانه ولا تنام.

الله تبارك وتعالي وعد في كتابه العزيز بأن يذكر من يذكره: »فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ«.. ومن ذكر الله سكنت روحه واطمأنت وابتهجت نفسه.. الذكر ليس محض ترديد باللسان، بل هو استحضار الرب تبارك وتعالي في وجدان وفكر وقلب الذاكر الذي لا يصرفه شيء في السماء أو الأرض عن ذكر ربه.. في هذا الذكر إيمان بالله تنجاب أمامه كل الغشاوات، واطمئنان إلي عونه سبحانه وتعالي ومدده تهون أمامه كل الصعاب والمعضلات.. فيه يقول رسول القرآن عليه السلام: »ما جلس قوم يذكرون الله عزّ وجل إلاّ حفّت بهم الملائكة وغشيتهم الرحمة وذكرهم الله تعالي فيمن عنده«.

لا معني للذكر باللسان والقلب لاهٍ.. لا بد أن يقترن الذكر علي الدوام بحضور القلب مع الله تبارك وتعالي، وبه تشرف الدعوات.. وفي الحديث النبوي أن الذكر مقدّم علي كل العبادات.. علي المسلم أن يختار له المكان الشريف، وأن يحسن فيه الخطاب. وكان صلي الله عليه وسلم يدعو ربه أمام المسلمين وأهل بيته فيحسن الذكر والدعاء.. يقول عزّ وجل في كتابه العزيز: »وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ * إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يسْجُدُونَ«.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock