مقالات

الصيام وعلاقته بمناعة الجسم ومقاومته للأمراض الفيروسية

بقلم : جمال القاضي

كتب الله علينا الصيام لحكمة هو يعلمها ، لكن هناك من يظن أن الصيام مشقة وقد يسبب له ضررا جسديا وخاصة من أولئك الذين يعانون من أمراض جسدية أو ضعف في قواهم البدنية وهذا الظن منهم ظنا غير صحيح ، فلم يفرض الله على الإنسان فريضة تضر بصحته النفسية أو الجسدية ، ومع جانحة كورونا نرى خوفا كبيرا من البعض ورؤيتهم الخاطئة بأن الصيام بهذا الشهر المبارك قد يضعف مناعتهم ، أو يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بهذا الفيروس القاتل ، مما يجعلهم يفطرون كوسيلة للنجاة من تلك الإصابة .

لكن هذا كل غير صحيح ، ولايستند إلى تفسير علمي ، وعلى عكس ذلك كله فإن الصيام له دورا كبيرا ومؤثرا على الصحة البدنية ومناعة الجسم مما يجعله في حالة صحية يصبح فيها الجسد قادرا على مقاومة الأمراض .

وقد ثبت علميا أن للصيام فؤائد عظيمة للمحافظة على صحة الجهاز المناعي ولإثبات ذلك كانت هناك دراسات عديدة قام بها مجموعة من العلماء بمختلف دول العالم ، منها عربية ، وغيرها أجنبية ، سوف نستعرض بعض منها :
من هذه الدراسات :

ماقامت به مجموعة بحثية من علماء من جامعة الشارقة بدولة الامارات العربية المتحدة وجامعة طنطا بدولة مصر وجامعة الملك سعود بالمملكة العربية السعودية وجامعة الخليج العربية بدولة البحرين في اعداد مراجعة علمية سردية مبنية على دراسات سابقة قام بها أعضاء الفريق البحثي وغيرهم من الباحثين متعلقة بالصيام في شهر رمضان وعلاقته بالجهاز المناعي ووظائف الجسم الأخرى، ومناقشة تلك الدراسات في ضوء جائحة فيروس كورونا.

وقد خلصت تلك الدراسات بالوصول إلى قدرة الصيام المتقطع وغيره من أشكال خفض الطاقة الغذائية المعتادة على تحسين الاستجابة المناعية والحماية من خطر الإصابة بالأمراض ذاتية المناعة ، ومنع حالة الشيخوخة وحالة الهَرَم المناعي ، كما أظهرت الدراسة ايضا قدرة الصيام على قتل الخلايا الهرمة والتالفة والتخلص منها وإنتاج خلايا جديدة فاعلة ، كما أظهرت نتائج التحليل وجود انخفاض ملموس في عددٍ من مؤشرات التأكسد والالتهاب في نهاية شهر رمضان، وهو ما يعزز دور الصيام في تفعيل المناعة وزيادة كفاءتها في مقاومة العدوى، ويدحض الزعم باحتمال تسبب الصيام بزيادة فرص العدوى بالفيروسات وغيرها .

وفي بحث آخر حول أثر الصيام في شهر رمضان على التعبير الجيني لعدد من المورثات الناظمة لعمليات منع التأكسد والالتهاب في قرابة ستين بالغًا من الأصحاء، أظهرت نتائج الدراسة قدرة صيام رمضان على زيادة التعبير الجيني لتلك الجينات وهي TFAM, SOD2, and Nrf2 بمستويات عالية بلغت 90.5%, 54.1% 411.5%، على التوالي، مقارنة بمستوياتها قبل شهر رمضان. وهذه نتائج بالغة الأهمية في إثبات قدرة الصيام على الوقاية من حالة الكرب التأكسدي والالتهاب المسؤولة عن إضعاف الجهاز المناعي والتقليل من كفاءته في مقاومة العدوى .

كما أظهرت تلك الدراسات ايضا على قدرة الصيام على الوقاية من الأمراض المرتبطة بالشيخوخة والمرتبطة بحالة الهرم المناعي والحدّ منها ، كما أن الصيام المتقطع لثلاثين يومًا يعمل على حماية خلايا الدماغ من التلف وضعف الذاكرة .

وعن الدراسات العالمية فقد نشرت مجلة Le Farm actuelle الفرنسية من قبل دراسة أجراها فريق يضم باحثين أميركيين وإيطاليين عن “كيفية استخدام الصيام في علاج بعض الأمراض”؛ مثل الأمراض المتعلقة بالأوعية الدموية والتي تصيب المخ مثل الزهايمر والشلل الرعاش، وأثبتت أن الصيام لمدة يومين يخفض السعرات الحرارية، وهو ما يزيد من كمية الخلايا العصبية التي تنشط الأعصاب فكيف يكون الحال إذا ماكان الصيام لشهر كامل مثل صيام شهر رمضان .

وكشفت الدراسة أن الصيام لمدة طويلة تصل إلى عشرة أيام متتابعة مع اتباع نظام غذائي مبنى على الخضراوات يساعد مريض التهاب المفاصل على تخفيف الآلام الناتجة عنها، كذلك الحال بالنسبة للأمراض الخاصة بالقلب، وأن فوائد الصيام تظهر أيضا على مرضى ارتفاع ضغط الدم، في حال الصيام لمدة 12 يوما.

كما أن للصيام دورا كبيرا في جعل الجسم قادرا على التخلص من البروتينات والجزيئات الخلوية القديمة والمستنفذة. والجزيئات التي يتم هدمها وتحللها، يمكن إعادتها إلى صورة يستفيد منها الجسم ،لذا يمكن اعتبار عملية الالتهام الذاتي عملية معاكسة لعملية التقدم في السن، كونها تقوم بالتخلص من الخلايا القديمة واستبدالها بأجزاء جديدة. ومن أهم محفزات عملية الالتهام الذاتي، هرمون الجلوكاجون الذي يحفزه الاحساس بالجوع والصيام .
لا تتوقف فوائد الصيام على تحفيز عملية الالتهام الذاتي وفقط ، فالحرمان من الطعام يقوم في الوقت نفسه بتحفيز هرمون النمو الذي يأمر الجسم بالبدء في إنتاج بعض الأجزاء الخلوية الجديدة القوية . ولذلك يعتبر الصيام للجسم عملية صيانة دورية وترميم شامل وعملية تجديد كاملة.
وفي النهاية قد يظن البعض أن الله فرض علينا الصيام ليحرمنا من الطعام والشراب لكنه فيه من الفؤائد الكثير وحكم كثيرة لايعلمها إلا الله سبحانه وتعالى .
بقلم : جمال القاضي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock