دين ودنيا

فى طريق المعرفه ومع نبى الله يوسف ” الجزء الثانى “

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثانى مع نبى الله الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم وهو يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم جميعا وعلى نبينا محمد الصلاة والسلام وقد توقفنا عندما طلب نبى الله يوسف عليه السلام ممن سيخرج من السجن من الفتيان أن يذكره عند الملك وأن يذكر بأنه بريء من التهمة ليخرج من السجن، إلا أن الفتى نسي الأمر وبقي يوسف عليه السلام في سجنه بضعة سنوات، وبعد أن لبث يوسف عليه السلام سنوات أخريات في السجن، رأى عزيز مصر في حلمه أن هناك سبع بقرات هزيلات ضعاف يأكلن سبع بقرات كبيرات سمان، ثم رأى سبع سنبلات خضر وأخرى مثلهن لكن يابسات، وحين طلب من حاشيته أن يخبروه عن تفسير هذه الرؤيا اعتذروا بأنهم لا يعلمون تفسير الرؤيا، وأن ذلك الحلم قد يكون مجرد خربطة أحلام، وسمع الفتى الذي كان مع يوسف عليه السلام في السجن ذلك وأشار عليهم بمن يفسر لهم تلك الرؤيا، وأخبرهم أن يوسف قادر على تأويلها، وقد فسرّ يوسف عليه السلام، حلم العزيز وأخبرهم بأنهم ستمر عليهم سبع سنين فيهن رزق وبركة بسبب الخصب والأمطار، ونصحهم بأن يحفظوا من هذا الحصاد ما يكفيهم للسنين القادمة، وأشار عليهم بأن يتركوا الحصاد في سنبله حفظا له من الفساد.

وأن يبقوا قليلا منه للأكل، ثم أخبرهم أن السنوات التي ستأتي بعد هذه السنين سنوات سبع فيهن جدب وشدة، فيستهلكون ما حفظوه من غلة السنين الماضية، وبعد هذه السبع العجاف ستأتيهم سبع سنين ينزل فيها عليهم الغيث، وتخصب الأرض وتغل ويعصر الناس مما يخرج من الأرض من زيت وعنب ونحوهن وقد طلب الملك من حاشيته أن يأتوه بيوسف عليه السلام بعد أن فسّر له رؤياه، إلا أن يوسف عليه السلام رفض ذلك حتى تظهر براءته للناس ويعلموا أنه عفيف ولم يقترف شيئا، وحتى لا يبقى في نفس الملك على يوسف شيئا، وحين سألهن الملك اعترفن بأن يوسف عليه السلام وكان بريئا واعترفت امرأة العزيز أنها هي من رادوته عن نفسه، ولما ظهرت للملك براءة يوسف أمر بإخراجه من السجن، فخرج عليه السلام، وقد طلب يوسف عليه السلام، من الملك بعد أن أخرجه من السجن وأكرمه بأن يجعله وزيرا للخزينة، فقبل الملك ذلك وأعطاه مفاتيح الخزينة، وهذا من رحمة الله تعالى وتمكينه ليوسف عليه السلام وفضله عليه، ولقد قدّر الله سبحانه وتعالى أن يكون لقاء يوسف عليه السلام بأخوته في سنين الجدب، حين عمّ القحط واشتدت السنين على الناس فخرج أهل فلسطين وفيهم أخوة يوسف إلى مصر.

لعلهم يجدون هناك مؤونة يرجعون بها إلى أهلهم، وحين دخلوا على أخيهم يوسف عليه السلام، وكان حينها وزيرا فلم يعرفوه، ولكنه عرفهم، وطلب منهم أن يأتوا بأخيه بنيامين، وإن امتنعوا عن ذلك فلن يعطيهم المؤونة، فرجعوا إلى أبيهم ليقنعوه وأخبروه أن الوزير طلب جلب أخيهم ليعطيهم من المؤن، وطلبوا من أبيهم أن يأخذوا معهم بينامين لكنه رفض بداية عندما تذكر ما فعلوه بيوسف عليه السلام من قبل ثم فتشوا أمتعتهم ووجدوا أموالهم ومؤنهم موجودة، فأخبروا أباهم بذلك وبيّنوا أن أخذهم لأخيهم سيزيد من المؤن التي سيحصلون عليها، فقبل بعد ذلك، ورجع أخوة يوسف إلى مصر ودخلوا عليه ومعهم أخوه بنيامين، ولأنه أراد أن يُبقي أخاه عنده احتال لذلك حيلة، فأمر الذين عنده أن يضعوا كأس الملك الذي يشرب به في متاع أخيه بينامين، ولما بدؤوا بالسير خارجين، نادى عليهم وكيل يوسف عليه السلام، متهما إياهم بالسرقة، ولكنهم بيّنوا أنهم لم يسرقوا، وقد أخبروا أن السارق سيصير عبدا عند الملك، وحين بحث الجند في متاعهم وجدوا الكأس في متاع أخيه، فأبقاه يوسف عليه السلام عنده جزاء سرقته، ورجع أخوة يوسف إلى أبيهم وأخبروه بما حصل، وطلبوا منه أن يسأل القافلة التي كانت معهم أو أن يسأل القرية التي كانوا فيها.

عن صدق ما قالوا، فلم يصدقهم، وحزن حزنا شديدا، وبكى حتى أفقده البكاء نظره، وقد لامه أولاده على كثرة ذكره ليوسف عليه السلام، وقد سلم أمره لله تعالى، ثم أمر أولاده بأن يعودوا إلى مصر ويبحثوا عن إخوانهم يوسف وبينامين وأخبرهم ألا ييأسوا من رحمة الله تعالى، فأطاعوا أبيهم وخرجوا إلى مصر مرة أخرى، فرجع أخوة يوسف إليه كما أمرهم أبوهم وحين دخلوا عليه رجوه أن يتصدق عليهم ويرحم ضعف أبيهم الذي فقد بصر عينيه من فراق أبنائه، وحين علموا أنه أخيهم يوسف طلبوا منه الاستغفار لهم، وقد أرجع يوسف عليه السلام، فعلهم إلى جهلهم وظلمهم لأنفسهم، ثم أعطاهم قميصه وطلب منهم أن يرجعوا إلى أبيهم ويلقوا القميص على وجهه وبشرهم أنه سيعود له بصره، وحين رجعوا أحس أبوهم بريح يوسف، وألقى البشير القميص على وجه يعقوب عليه السلام، فعاد له بصره، وطلبوا من أبيهم الاستغفار لهم ففعل، وخرجوا جميعهم إلى مصر ليلتقوا بيوسف عليه السلام، وعندما دخلوا إليهم سارع إلى أبويه وأمنهم من الخوف والقحط، وجعلهم بجانبه على العرش، وألقي إخوته له ساجدين، ولما رفعوا رؤوسهم ذكر أباه برؤياه من قبل، وحمد الله تعالى، على ما أنعمه عليه من الحرية والمُلك، وبأن أصلح الله تعالى.

بينه وبين إخوته، وإن يوسف في العبرية تعني كلمة دعه يزيد، وتنطق يوساف ويوسف عليه السلام هو شخصية مهمة في الكتاب المقدس وفي القرآن الكريم، إذ يربط قصة أنبياء الله الكرام إبراهيم وإسحاق ويعقوب في كنعان فى أرض فلسطين، بالقصة اللاحقة لتحرير بني إسرائيل من العبودية في مصر، ولقد بعث الله تعالى إلى البشر العديد من الأنبياء والرسل كي يدعوهم إلى عبادة الله تعالى وحده وألا يشركوا به شيئا، ومن ضمن هؤلاء الأنبياء الكرام الذين ورد ذكر قصصهم في القرآن الكريم وفي أحاديث الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم هو نبى الله يوسف عليه السلام، بل وهو أحد الأنبياء الذين سميت سور في القرآن الكريم باسمهم، وهذا وإن دل على شيءٍ فإنه يدل على العبر العظيمة التي من الممكن أن يستقيها الإنسان من قصة نبى الله يوسف عليه السلام ففي قصته عبرة للجميع وخاصة الشباب، فما واجهه عليه السلام في طفولته وشبابه هو نفسه ما قد يواجهه العديد من الشباب ولكن بدرجة أعظم بكثير، فلهذا يمكن للشباب أن يأخذوا من قصته عليه السلام على العديد من العبر التي ستساعدهم في تخطي هذه العقبات المختلفة التي قد يجدها في طريقه، فتبدأ قصة نبى الله يوسف عليه السلام من حياته مع أبيه وإخوته.

فهو ابن نبي الله يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام جميعا، فكان ليعقوب عليه السلام اثنا عشر ابنا يعود إليهم نسب الأسباط جميعهم، ومن بين هؤلاء الأبناء كان يوسف عليه السلام وكان هو أجلهم شأنا وأحبهم إلى أبيه يعقوب عليه السلام، وقبل أن يبلغ يوسف عليه السلام الحلم فقد رأى مناما ذكره الله تعالى في القرآن الكريم إذ قال تعالى فى كتابه الكريم فى سورة يوسف ” إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين ” فكانت هذه بداية قصته عليه السلام في القرآن الكريم، وعندما قص نبى الله يوسف عليه السلام هذه الرؤيا على أبيه عرف تأويلها، فأخبره أنه سيكون ذا شأن عظيم، وكان سجود الكواكب الأحد عشر والشمس والقمر يدل على خضوع إخوته الأحد عشر وأبيه وأمه له عليه السلام، وقد أخبره أبوه ألا يخبر إخوته عن هذا الحلم كي لا يكيدوا له ويحسدوه، فقد كانوا يحسون أيضا أن منزلته هو وأخوه يعنون عند أبيهم أكبر من منزلتهم ، فاقترحوا أن يقتلوا يوسف عليه السلام أو ينفوه بعيدا ويكونوا صالحين من بعدها فينالوا محبة أبيهم، وبعدها اقترح أحدهم أن يلقوه في البئر فيلتقطه أحد المسافرين، وبعدما أجمع إخوة يوسف عليه السلام، على إلقائه في البئر طلبوا من أبيهم أن يرسله معهم.

كي يرعى الأغنام، ولكن يعقوب لم يكن يريد مفارقة يوسف عليه السلام وخاف أن يأكله الذئب ولا يستطيع دفعه عنه لصغر سنه ولا ينتبه له إخوته لانشغالهم، ولكنهم أكدوا له أن هذا لن يحصل وأنهم عصبة يستطيعون دفع الأذى عن أخيهم، فوافق عليه السلام أن يبعثه معهم وعندها قاموا بتنفيذ خطتهم بإلقائه في البئر، وعندها كان إيحاء الله تعالى له بأنه سيأتيه الفرج قريبا، فحتى لو أعد الناس الخطط وأعدوا المكائد، فإن الله تعالى هو خالق كل شيء وبيده أمره، وهو الذي لا يقع أي شيء إلا بأمره ووفقا للقدر، فما قد تراه النهاية العظمى لك تكون هي بداية الخير كله، وكان بعدها أتى إخوة يوسف عليه السلام إلى أبيهم في المساء وعلى قميصه دم كذب من سخلة ذبحوها، ولكن نبى الله يعقوب عليه السلام عرف ذلك فكما ذكر العلماء أنهم نسوا أن يشقوا ثيابه، فكيف للذئب أن يأكله وينزل الدم على ثيابه من دون أن تشق، فلما رأى ذلك يوسف انتابته الريبة، وقد مرت قافلة ذاهبة إلى مصر بالبضائع فتوقفوا عند البئر ليشربوا منه، وعندما أنزلوا الدلو تعلق به يوسف عليه السلام فاستبشروا به وأخذوه مع جملة بضاعتهم إلى مصر، وبلغ به الأمر في النهاية ليشتريه عزيز مصر، أي وزيرها، وقال لزوجته أن تكرم مثواه لعلهم يتخذوه ولدا لهم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock