افتقدك…….شعور غريب !!

محمد الشيخ خبير التنمية البشرية والمعالج بالتنويم الايحائى
الشرقيه

الافتقاد هو شعور يدعو للتأمل والحيرة . ربما لأنه شعور مركب .
مركب من عدة مشاعر تداخلت , وترابطت معا
لكى تنتج لنا خليطا يتداخل فيه الحب , والإعتياد ,والألفة مع البعد والفراق . خليط من المر والحلو معا , حلاوة السكر بمرارة القهوة .
أن تحب شخصا , فيصير جزءا مكملا لك . جزءا منك , لكنه مفارق لك . هو جزء منك لأنه يكمل عالمك , بدونه لا شئ مكتمل .
فهو الذى كان يضفى المعنى على العادى من الأشياء , فتصير جميلة , أو ممتعة . فالوقت بدونه هو مجرد لحظات تمر .
أوقات تنقضى , أما معه فالوقت يصبح ببساطة هو العمر الذى نعيشه , هو لحظات السعادة , هو الحلو من الذكريات .وبدونه لا يكون للوقت شكل ولا هيئة ولا صفة .
معه يصبح الوقت قصير كلمح البصر , وبدونه , طويلا طويلا كليل أسود حزين .
هو الذى يصبغ الوقت ويعطيه هيئة ويخلع عليه إحساسا .
فإذا ما أحببنا أحدا , إعتدنا على مذاق الحياة معه . لم نرد غيره , ولم نعد نريد أن نرى الحياة بدونه . فيخلق لنا حبنا شعورا آخر .
إنه ألفة هذا الإحساس . والألفة هنا هى تصريح أو إعلان منا , بأن هذه هى الحياة التى نريدها , وليس غيرها .
يصير هذا الإحساس مرادفا لفكرة الحياة عندنا , فيرتبطان معا , فلا يكون أحدهما بدون الآخر , فتنشأ الألفة .
ولكن للحياة أحيانا منطقا مختلفا . ففى القلب الحب مرادف للألفة , أما فى الحياة , فالحب غالبا مرادفه البعاد , أو الفراق .
فكل إرتباط لابد له من فكاك , وكل حب لابد له من بعاد , إن قصر كان بعده لقاء , وإن طال كان هو الفراق .
وفى الحالتين يكون الإفتقاد .
الإفتقاد هو نوع من الذاكرة . نذكر كل ما كان حلوا , كل ما فرحنا له , أو أفرحنا . كل ما عشناه معا , كم كنا سعداء , وكم ألفناه . ومع التذكر يأتى الجرح , جرح الوحدة , جرح الفقدان , وقبل كل شئ جرح الحنين .
أرأيتم كم أن إحساس الإفتقاد مركب . إنه عمر عشناه معا , إختصرناه
فى لحظة , وفى جملة ” لست هنا ” ” وحدى أنا “
وعندما يطول البعاد ,يدوم الإفتقاد . وكما كان الإفتقاد عمرا جُمع فى لحظة , ذاكرة إنفجرت بكل اللحظات معا , يأتى الفراق فتبهت هذه الذاكرة تدريجيا . تذوب هذه اللحظات فى نسيج الزمن , فلا يبقى منها إلا بعض المرارة فى الحلق , أو الوجد فى القلب , وأحيانا بعض الدموع فى العين إذا عاود القلب الحنين