دين ودنيا

الدكروري يكتب عن العصمة من الفتن

بقلم / محمـــد الدكـــروري
عندما تستشعر عظمة الله عز وجل وأنه القادر علي كل شيئ، وأنه بيده الملك وهو علي كل شيء قدير يصغر كل هم لديك لأنك مرتبط بالله سبحانه وتعالي، محسن الظن بالله جل وعلا، كلما تمر بك حالة إحباط وألم تستغفر وتحتسب موقنا بأن الله لن يخذلك فهو أكرم الأكرمين، فنحن نمر بعصر كثرت فيه الفتن، واختلطت فيه الأمور على كثير من الناس، وتزعزعت القلوب، وانجرف كثير من الناس تجاه الشهوات ومزالق الشيطان إلا من رحم ربي، وتذكر قول الله عز وجل كما جاء في سورة العنكبوت “والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا” فارجع إلى صلاتك، واثبت وسامح وتوب الي الله، وردّ الحقوق واستغفر، وتأكد أن الله لا يرد تائبا، وإنه جل وعلا يحب التوابين، ويحب المتطهرين، وقل دوما “يا مقلب القلوب ثبت قلبي علي دينك” فقد قالها قبلك المعصوم صلوات ربي وسلامي عليه، وصحابة النبي صلى الله عليه وسلم أطهر الأمة قلوبا وأقواهم إيمانا وثباتا.
وأتقاهم سريرة ومخبرا، قد أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يتعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن، ونحن نقول اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن، والفتن هي المحن، والفتن هي الاختبار والتمحيص، ومن شدة تحذير النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة وللأمة من بعدهم، أمرهم في كل صلاة أن يتعوذوا بالله من الفتن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إذا تشهد أحدكم” أي في التشهد الأخير من كل صلاة ” فليستعذ بالله من أربع، يقول اللهم إني أعوز بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال” رواه مسلم، في كل صلاة نتعوذ بالله من هذه الأربع، والاستعاذة بالله من الفتن أي إننا نلجأ إلى الله، وندعو الله ونعتصم بالله من الفتن، وصاحب العقل واللبيب يهرب من الفتن، فالبعد عنها عصمة منها، إذا ابتعدنا عن الفتن، عصمنا الله منها وكفانا شرورها، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.
أمرنا ألا نستشرف الفتن حتى لا نقع فيها، تحذير وإنذار لكل مسلم بألا يعرض نفسه للفتن، لا تمتحن نفسك بالفتن، لا تختبر نفسك بالفتن، فلربما سقطت في الامتحان ورسبت في الاختبار، ووقعت في الشرور، وتغيرت عليك الحياة، فقال صلى الله عليه وسلم ” ستكون فتن” أي فتن امتحانات واختبارات للإيمان والثبات، زلزلة للقلوب ” القاعد فيها خير من القادئم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، ومن يشرف لها تستشرفه، ومن وجد ملجأ أو معاذا فليعذ به” رواه البخاري ومسلم، وإن الأحمق الأخرق من يتجاهل تحذير النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يسعى إلى الفتنة برجليه، يسعى إليها حتى يقع فيها، فإذا به يمتحن ويختبر في إيمانه وثباته ودينه، فلا يثبت بل يقع وينهزم ويفتتن ويهوي، وتتغير عليه الحياة، وإن الفتن ألوان وأشكال وأصناف وأحجام، فتن شبهات، وفتن شهوات، فإن فتن الشبهات.
هم الذين يشككون في دين الله في شرع الله، في كتاب الله، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، يشككون فيها ويخرجون إلينا كل يوم عبر وسائل التواصل يحرفون العقيدة الصحيحة، ويتكلمون في القرآن كلام الله، ويخوضون في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، يدعون الناس إلى ترك المساجد وهجر القرآن، والبعد عن تطبيق سنن النبي صلى الله عليه وسلم، يشككون في يوم القيامة والحساب والجنة والنار، بل يدعون إلى ترك الدين كله، ويتهمونه بأنه سبب تخلف المسلمين، وتبعيتهم وضعفهم وتأخرهم، فيدعون إلى الكفر يدعون إلى الإلحاد، يدعون إلى الخروج من دين الله، يدعون الشباب إلى الخروج من بلاد الطهر والإسلام إلى بلاد الكفر والعهر والانحلال، فإذا ذهب من قل عقله إليهم، تركوهم يهيمون في الشوارع لا يجدون طعاما ولا شرابا ولا مسكنا، فتن شبهات فتن في الدين، اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا، وهناك فتن الشهوات.
وهي ما تشتهيه النفس من المحرمات، وما أكثر فتن الشهوات، لا يكاد يسلم منها مسلم إلا من عصم الله ورحم، منها فتنة جمع المال، وجمع الدنيا، والطمع والجشع في جمع المال من حلال ومن حرام، وهي فتنة عظيمة تجعل المسلم ينسى من دينه وينسى من أهله، وينسى من أولاده، وينسى أقاربه وأرحامه، بل ربما قاطعهم وخاصمهم وهجرهم من أجل المال، بل ربما قتل وسفك الدم الحرام من أجل المال، من أجل قطعة أرض أو شعب أو جبل أو ساقية، وأغلب قضايا الناس اليوم ومعاملاتهم وتقاطعهم وتخاصمهم من أجل فتنة المال، عندما كان الفقر والشح كانوا سعداء متآلفين متحابين، أسرتين ثلاث أسر إخوة في بيت واحد، وعندما فتنت الأنفس بالمال والتوسع، تجد مع كل شخص جبلا أو جبلين، وشعبا أو شعبين، تفرق الناس في رؤوس الجبال وفي بطون الشعاب، وتقاطعوا وتهاجروا وتركوا حتى الصلاة في المساجد، وكما إن من فتن الشهوات.
هي فتنة النساء وما أخطرها وما أسوأها من فتنة، أشد فتنة على الرجال فتنة النساء، وكم سقط فيها من رجال، وكم صغر فيها من كبير، وكم تبعثرت فيها من أسر وبيوت وأزواج وزوجات، فليحذر كل مسلم من هذه الفتنة، فوالله إنها دركات إلى الهاوية والشقاء، وربما إلى النار والعياذ بالله، فالشاب عليه أن يتزوج ويكتفي بزوجته، والمتزوج عليه أن يتورع ويتقي الله في محارم الناس، فإن له محارم، له زوجة وأخوات وبنات، غفد فتحت وسائل التواصل على كل الشرور نساء ورجال، سقطوا فيها، باعوا دنياهم وآخرتهم من أجل شهوة، بسبب نظرة ومكالمة ومهاتفة وتواصل ومزحات وابتسامات، من أجل رسالة أو صورة، فإن مما يعصم من الفتن ويباعد عنها هو تذكر عظمة الله ومراقبته وقوته، وتذكر ” أن الله عليكم رقيبا” ومنها تذكر الجنة والنار، والصراط والميزان ويوم الحساب ” يومئذ تعرضون لا تخفي منكم خافية” ومنها الاستعاذة بالله من الفتن.
واسأل الله دائما أن يحميك ويحفظك في دينك ودنياك وآخرتك، ومنها البعد والحذر، وعدم استشراف الفتن، لا تقترب، لا تجرب، لا تتساهل فإن البدايات هي النكبات، ومنها العمل الصالح والحفاظ على الصلوات، ومنها الرفيق الصالح، فهو الصالح الذي يخوفك بالله ويحذرك من الفتن والمعاصي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock