مقالات

ونعرف أننا لانعرف حينما نعرف أننا نعرف

  

بقلم د صالح وهبة

 ما يراه الإنسان في الواقع سواء بالعين أو يمسه بالملامسة ، البعض منها يكون له تفسير علمي 

 والبعض الآخر يعجز البشر عن إيجاد تفسير للوصول إلى الحقيقة فعلى سبيل المثال ..

نحن ننظر إلى السماء أنها فوق والأرض على أنها تحت ، والحقيقة أنه لا يوجد فوق ولا يوجد تحت فالسماء تحيط بالأرض من كل جوانبها.

حتى صقيع القطبين الذي نظنه أنه في غاية البرودة ، هو بالنسبة لبرودة أعماق الفضاء جحيم ملتهب.

 وفي الحواس أحيانا ما تكذب علينا العين واللسان والأذن أكثر وأكثر ، فالقبلة التي تصورناها في البداية مشروع حب قد تكشف لنا في النهاية مشروع سرقة.

وفي التاريخ يكتب المؤرخون في كل عصر وقد تكتب أقلامهم ما يريد الأقوياء أن يكتبوا.

وفي الرياضيات

 عندما تستقل قطار (مثلا) متحركا بسرعة ما وتنظر من النافذة. فيبدو لك أن الأشجار تتحرك نحوك (في الإتجاه المعاكس ) ، وهذا له تفسير علمي وهي( السرعة النسبية)

وكذلك الحال عندما تستقل سيارة تسير بسرعة أكبر من سرعة السيارة التي وراءك ومتحركة في نفس الإتجاه ، فعندما تنظر في المرآة يبدو لك أن السيارة الخلفية ساكنة أو كأنها تتقهقر الى الخلف وقد تختفي .. ولكن كما ذكرت أن هذا له تفسير علمي وهي السرعة النسببة أيضا.

 لكن توجد أشياء يعجز البشر في الوصول إلى تفسير لها .. فالوصول إلى المريخ أسهل من الوصول إلى حقيقة اكيدة عن حياة وردة تتفتح كل يوم عند نافذتك ، وأن الوصول إلى أبعد نجم في متاهات الفضاء أسهل بكثير من الوصول إلى حقيقة ما يهمس في قلب امرأة على بعد شبر منك أو ما يدور في ذهن صديق يجلس بجوارك.

حتى عواطفنا نفسها ، فنظن أن حب المجد يدفعنا والحقيقة هي الغرور وحب الذات ، ونظن أن العدالة هي التي تدفعنا إلى الحزم في الأمور في حين الذي يدفعنا هو الحقد والحسد .

إذن من الذي يستطيع أن يقول : لقد أدركت الحقيقة؟!!

من الذي يجرؤ أن يدعي أنه يعرف نفسه؟! 

ليس من باب التواضع أن نقول : الله أعلم .. وإنما هذه هي الحقيقة الوحيدة التي في الدنيا ، أننا نجهل كل الجهل حتى ما يجري تحت أسماعنا أو أبصارنا.

وبرغم جهلنا يتعصب كل فريق برأيه وقد تصور كل واحد منا قد امتلك الحق فراح ينصب المشانق والمحارق للآخرين .

أيها الإنسان اعرف كينونتك ومهما وصلت من علم لا يساوي قطرة في بحر من علم العلى القدير اللانهائي .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock