الأخبار

د. مها الجمل تكتب ..مُهاجِرون أم مُهجَّرون

.مُهاجِرون أم مُهجَّرون

كتبت الأديبة/ مها الجمل


IMG ٢٠٢٣١٠٠١ ١٤٤٦٢١

مُهاجِرون أم مُهجَّرون…؟

بقلم الأديبة: مها الجمل

إن حقوق الطفل لها الأولوية القصوى في أجندة التنمية المستدامة، وجميع الأطفال لهم الحق في التمتع بكافة الحريات العامة وأوجه الحماية والرعاية التي تكفلها القوانين النافذة للإنسـان عامة والطفل خاصة دون تمييز، فهم يستحقون الحصول على أفضل بداية لهم في الحياة والبقاء على قيد الحياة متمتعين بمستوى معيشي لائق ومناسب.

للأسف ملايين الأطفال يعيشون الفقر المضجع، محرومون من كرامتهم وطفولتهم والمستوى المعيشي اللائق بهم، حتى التعليم هجر عقولهم وهجروه ويتم استغلالهم أسوأ استغلال.
لقد انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة عمالة الأطفال حول العالم،

ولم تقتصر على مكان محدد أو بلد معين أو دولة محددة، هي ظاهرة نابعة من الثقافة والتقاليد المنتشرة في المجتمع، ناتجة عن الظروف الاقتصادية السيئة للبلد.
يتم فيها تخلّي رب الأسرة عن الأمانة والمسؤولية الملقاة على عاتقه، فيتخلى عن أولاده وفلذة كبده،

ومنعهم من ممارسة طفولتهم وحياتهم الطبيعية وحرمانهم من التعليم أو استكمال المراحل الدراسية لهم، وإرسالهم للعمل للحصول على المال وبالتالي جعلهم وسيلة لكسبه وإقناعهم بأنهم مسؤولون عن توفير الاحتياجات الأساسية للأسرة،

فينشأ الطفل مقتنعًا بأنه المسؤول عن جلب المال للصرف على تلك الأسرة التي ليس له أى ذنب أو حتى اختيار في انتمائه إليها، لكنه نشأ ووجد نفسه مجبرًا على تحمل هذه المسؤولية وهذا العبء.

لو بحثنا سنجد أن هذا الأب هو نفسه كان يعاني من مشاكل عديدة نشأ هو نفسه فيها، منها الفقر والأمية وعدم الوعي، جعلت منه سبباً في هلاك وتدمير أبنائه نفسيًا ومعنويًا بالإضافة إلى أنه سبب لهم الضررالجسماني والأخلاقي أيضًا، ناهيك عن مشاكل أخرى كثيرة.

وقد نتج عن ظاهرة عمالة الأطفال في الآونة الأخيرة ظاهرة هروب وهجرة كثير من الأطفال والقصّر على متن قوارب متهالكة عبر البحر المتوسط إلى إيطاليا وكثير من دول أوروبا، فارين من الفقر في أفريقيا والشرق الأوسط للحصول على فرصة حياة وعمل أفضل في أوروبا.
هذا التصاعد المطرد في الهجرة جعلها تتحول من ظاهرة إلى مشكلة كبرى حتى أصبحت مشروعًا عائليًا، وأصبح هناك تُجّار للهجرة غير المشروعة ومنظمات تقدم وعودًا كاذبة وأحلامًا سراب،

يتولون تهريب الأطفال بدون ذويهم عبر البحار أو حتى مع ذويهم في رحلات بحرية محفوفة بالمخاطر،

والتسلل لدخول إقليم أي دولة بطرق غير مشروعة، وقد لا يحالفهم الحظ وتبتلعهم البحار قبل وصولهم إلى مقصدهم.
هجرات جماعية لا يستفيد منها أحد سوى هؤلاء التجار الذين يحصلون على الأموال، و أطفال قصّر يواجهون أمواج البحار ويخوضون مخاطر الوصول إلى السواحل الأوروبية في رحلات مرعبة ولا يعرفون مصيرهم، ومازالت الهجرة والتهجير مشروعًا جماعيًا مستمرًا حتى ولو كانت هناك تضحيات مؤلمة.

الطفل هو طفل، بصرف النظر عن أسباب مغادرته لبيته، أو من تسبب في مغادرته أو حتى من أين أتى أو إلى أين هاجر أو كيف هُجِّر، ومن نظّم ومن نفّذ، فكل طفل يستحق الحصول على الحماية والرعاية وجميع ما يحتاجه من دعم وخدمات كي يعيش آمنًا.

عمالة الأطفال وتهجيرهم قنبلة موقوتة ستؤدي إلى تفجير أزمات لا يمكن السيطرة عليها، إن لم تكن قد فُجرت بالفعل، وستكون عائق أساسي أمام أي دولة تريد تحقيق التنمية المستدامة لشعبها، إنها مشكلة حقيقية تواجه مجتمعاتنا، ولابد من التصدي لها ومحاربتها والقضاء على أسبابها حتى لا تكون خسارة الوطن كبيرة.

نجاح وتقدم الأمم يكون بنجاح أبنائها، ونجاح الأشخاص يكون نتاج ماحصلوا عليه في طفولتهم من رعاية واهتمام وأجواء حميمية طبيعية،

فلابد من بذل الجهود لإعادة الطفولة لطبيعتها، ومنح الأطفال كل حقوقهم التي وهبهم الله إياها ولكنهم حُرِموا منها باغتيالهم واغتيال براءتهم.

اظهر المزيد

شبكه أخبار مصر

فاطمة الشوا رئيس مجلس إدارة جريدة شبكة أخبار مصر وصاحبة الإمتياز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock