لابد من قراءة جديدة للقرآن الكريم
لابد من قراءة جديدة للقرآن الكريم
للدكتور حسن عبد العال كلية التربية جامعة طنطا
متابعة :أحمد عبد الحميد
” القرآن حمال أوجه “هذه العبارة تنسب للأمام على بن أبى طالب رضى الله عنه ، حين قرأت هذه العبارة تبادر إلى ذهنى أنه مع كل قراءة للقرآن علينا أن نعيش تاويلا جديدا له فى كل مرة ، فلا يمكن الركون إلى معنى ثابت او مقاربة فكرة واحدة ، فجمالية النص القرآني هى أنه ينضح دلالات ويفيض معان ، ويكون بعيدا كل البعد عن احتكار لأى صورة معلومة او ظاهرة لأى آية أو سورة .
إن علينا أن نجدد التأويل القرآني فى كل مرة نفتح فيها آفاقا جديدة للإحالات التى من الممكن ان تكون .
النص القرانى يكسر كل الحواجز ، ولايستقر عند حد ولا يركن إلى فهم واحد.
وقد علمتنا الدراسات المستحدثة ان قراءة النص تختلف مع كل قراءة ، وبين قارىء وآخر ، ومن الحق أن نقول أن قراءة النص القرانى يجب تختلف باختلاف العصور والعوامل الثقافية ، ومما لا جدال فيه أن قراءة القران قد اختلفت وتعددت بحسب المدارس الكلامية والمذاهب الفقهية ، وبحسب الفروع العلمية والاختصاصات الفكرية ، بل بحسب الأشخاص أنفسهم ولو كانوا على مذهب واحد او ينتمون إلى المدرسة الفكرية نفسها ، من هنا تولد عن قراءته أكثر من نسق فقهي ، وأكثر من مقالة كلامية ونشأ حوله أكثر من تفسير وتأويل .
ان ما يجب تأكيده ان النص القرانى لا يحمل فى ذاته دلالة جاهزة ونهائية ، بل آياته فضاء دلالى وأمكان تأويل ، وكل قراءة تحقق امكانات دلالية لم تتحقق من قبل ، وكل قراءة للقرآن هى اكتشاف لمعان جديدة ، وكل قراءة تكشف بعدا مجهولا من أبعاد النص ، او تكشف النقاب عن طبقة من دلالاته ، والنص ذاته ثابت لا يتجدد ولا يتحول .
المتمسكون بحرفية النص وهم أهل الظاهر الممسكون عن التفسير والتأويل يرون ألا وجه فى النص القرانى إلا الوجه الظاهر ، وأن اللفظ لا يحتمل إلا معنى واحدا فالمعنى على هذا الرأى طاهر بذاته واضح بنفس العبارة لا يحتاج إلى شرح او تبيان ، وهذا يعنى ان النص ذو بعد واحد وان للمعنى وجها واحدا لأغير ، وهذا ماتنفيه عبارة الإمام على .
لقد فهمت من عبارة الإمام على أن القراءة الصحيحة هى التى تقوم بالتوجه الى روح النص وتحاول النفاذ الى الأعماق فيه بالبحث عن معانيه الجوهرية والوقوف على مقاصده الخفية ، وأهل هذه القراءة يعتبرون أن المعنى لا يكون ظاهرا بذاته بل يحتاج دائما الى أعمال استقصاء ، ومعنى ” حمال أوجه ” أن المعنى ليس واحدا ولا يعطى مباشرة ، وأن هناك وجوها أخرى يتحملها النص .
ان أهم ما يميز النص القرانى هو الاتساع بل ان اعجازه يكمن فى كونه يتسع معناه وأنه يمكن النظر إليه من مناظير مختلفة لكثرة وجوهه وابعاده وتعدد مرائيه .