أخبار مصر

وقفه مع السعادة الحقيقية ” الجزء الثانى “

إعداد/ محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثانى مع السعادة الحقيقية، وإن هناك من يعتقد أن السعادة في كثرة الأولاد والأحفاد أو تكون له وجاهة في المجتمع، أو يتبوأ أعلى المناصب، ويظنها البعض الآخر في أن يتزوج امرأة ذات مال وجمال ودلال، وللناس فيما يعشقون مذاهب, فيا متعب الجسم كم تسعى لخدمته، أتعبت جسمك فيما فيه خسران، أقبل على الروح واستكمل فضائلها، فأنت بالروح لا بالجسم إنسان، فإن هذه المتع متع دنيوية زائلة من عاش لأجلها والتكثر منها ولم يبتغ غيرها لم يذق طعم السعادة الحقيقية وليس له في الآخرة من حظ ولا نصيب, فالسعادة ليست في مال يجمعه الإنسان وإلا لسعد قارون، وليست في طلب الوزارة والمنصب ولو كانت كذلك.
لسعد هامان وزير فرعون، وليست في متعة دنيوية ما تلبث أن تنقضي بل السعادة الحقيقية في طاعة الله، والبعد عن معصيته التي هي سبب في الفوز الأبدي، فيقول تعالى فى سورة آل عمران “فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز” وذلك بأن يسير الإنسان في هذه الدار على الصراط المستقيم، وأن يتبع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وأن يتقي الله تعالى ويراقبه في السر والعلانية، والغيب والشهادة، فبذلك يفوز الإنسان ويسعد، ولست أرى السعادة جمع مال، ولكن التقي هو السعيد، فإن إن القليل من الناس هم الذين عرفوا حقيقة السعادة فعملوا من أجلها وجعلوا مقامهم في الدنيا معبرا للآخرة ولم تلههم الدنيا وزينتها عن الآخرة.
إن السعادة الحقيقية هو أن ينظر الإنسان إلى من هو أسفل منه ولا ينظر إلى من هو أعلى منه في الرزق والصحة وغيرها فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” انظروا إلى من أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله ” رواه مسلم، ‎‎فبهذه النظرة يرى أنه يفوق كثيراً من الخلق في العافية وتوابعها، وفي الرزق وتوابعه، فيزول قلقه وهمه وغمه، ويزداد سروره واغتباطه بنعم الله، وكذلك السعي في إزالة الأسباب الجالبة للهموم، وفي تحصيل الأسباب الجالبة للسرور، وذلك بنسيان ما مضى عليه من المكاره التي لا يمكنه ردها، ومعرفته أن اشتغال فكره فيها من باب العبث والمحال.
فيجاهد قلبه عن التفكير فيها، وأيضا تقوية القلب وعدم التفاته للأوهام والخيالات التي تجلبها الأفكار السيئة لأن الإنسان متى استسلم للخيالات وانفعل قلبه للمؤثرات من الخوف والأمراض وغيرها، أوقعه ذلك في الهموم والغموم والأمراض القلبية والبدنية والانهيار العصبي، وكذلك الاعتماد والتوكل على الله والوثوق به والطمع في فضله، فإن ذلك يدفع الهموم والغموم، ويحصل للقلب من القوة والانشراح والسرور الشيء الكثير، وأنه إذا أصابه مكروه أو خاف منه فليقارن بينه وبين بقية النعم الحاصلة له دينية أو دنيوية، فإنه سيظهر له كثرة ما هو فيه من النعم وتستريح نفسه وتطمئن لذلك، فإن من المنظور الإسلامي، أن السعادة ليست مجرد حالة مؤقتة من الفرح والبهجة.
بل هي عملية تستمر مدى الحياة وتهدف بالدرجة الأولى إلى تحقيق السعادة الأبدية وراحة البال وطمأنينة القلب والرضا في هذا العالم والنعيم الأبدي في الآخرة، ويحاول الكثير من الناس اتباع مسارات معقدة من أجل تحقيق السعادة، لكنهم فشلوا في رؤية الطريق الأسهل وهو الإسلام، فيمكن تحقيق السعادة من خلال العبادة الصادقة، والتنافس على الأعمال الصالحة، والقيام بأعمال اللطف أو الصدقة، وإخراج الابتسامة على وجه الطفل، وهذه الأشياء لديها القدرة على جعل قلوبنا سعيدة حقا، فإن السعادة الحقيقية والرضا هي نتاج عدد من العوامل ولا يمكن تحقيقها إلا من خلال الموازنة بين الجوانب المادية والروحية للحياة ، فإذا أغفلنا الجانب الروحي للحياة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock