دين ودنيا

وقفه مع ثمرات ذكر الله عز وجل “الجزء الأول “

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

لا يخلو المؤمن من أحوال ثلاثة، لعله في نعمة من الله عز وجل، ينبغي أن يشكر، وإذا كان في ابتلاء من الله عز وجل ينبغي أن يصبر، وإذا كان في ذنب أو تقصير ينبغي أن يستغفر، فإذا كانت أحواله هذه فهو من أسعد الناس، يشكر عند الرخاء، ويصبر عند الابتلاء، ويستغفر عند التقصير أو الذنب، فإن نعم الله تترادف على الإنسان، فإذا أراد أن تثبت، إن أراد أن يقيدها عليه أن يشكر، إن أراد أن يحفظها عليه أن يشكر، إن أراد أن يزداد منها عليه أن يشكر، فقال تعالى “لئن شكرتم لأزيدنكم” والشكر في أصله أن تعزو النعمة إلى الله عز وجل، أن ترى المنعم من خلال النعمة، لا أن تقف عند النعمة، الإنسان بين أحول ثلاثة إن كان في نعمة فعليه أن يشكر، فإن شكر قيد هذه النعمة.

وإن شكر زادت عليه هذه النعمة، وإن شكر الله يقوم على أسس ثلاثة، وكفر النعمة أن تنفقها فيما لا يرضي الله تعالى ولكن هذا الشكر ينبغي أن يكون على أسس ثلاثة، أولا أن يعترف بها باطنا ويتحدث بها ظاهرا، وأن يصرفها في مرضاة الله عز وجل، فأية نعمة صرفت في وجه لا يرضي الله هذا نوع من كفرها، كفر النعمة أن تنفقها فيما لا يرضي الله عز وجل، والمؤمن لعله في حالة أخرى، لعله في محنة من الله عز وجل، ابتلاه بها، فالمؤمن حيال هذه المحنة التي ابتلاه الله بها ينبغي أن يصبر، ومعنى الصبر أن يحبس نفسه عن السخط، وأن يحبس لسانه عن الشكوى، وأن يحبس جوارحه عن المعصية، كاللطم، وشق الثياب، ونحو ذلك، فمدار الصبر على هذه الأركان الثلاثة.

أن يحبس نفسه عن السخط، وأن يحبس لسانه عن الشكوى، وأن يحبس جوارحه عن المعصية، فإذا قام العبد بما ينبغي حيال هذه المحنة انقلبت في حقه منحة، فالمحنة في الصبر تصبح منحا، لذلك قالوا ما من محنة إلا وراءها منحة وما من شدة إلا وراءها شدة إلى الله عز وجل، الشر المطلق لا وجود له في الكون، إنه يتناقض مع وجود الله، فإن كان الإنسان في نعمة عليه أن يشكر، عليه أن يعترف بها باطنا، وأن يذكرها بلسانه ظاهرا، وأن يصرفها في طاعة الله تطبيقا، وإن كان في محنة، عليه أن يحبس نفسه عن سوء الظن بالله عز وجل، وعليه أن يحبس لسانه عن الشكوى، وعليه أن يحبس جوارحه عن أن ترتكب معصية حيال هذه المحنة، إن فعل ذلك أصبحت الشدة شدة إليه.

وأصبحت المحن منحا من الله عز وجل، فقيل أن النبى صلى الله عليه وسلم سئل يوما فقال ما لك يا بنية؟ قالت حمى لعنها الله، قال عليه الصلاة والسلام ” لا تلعنيها، فو الذي نفسه محمد بيده لا تدع المؤمن وعليه من ذنب” فلاتسبوا الحمى فهي لا تدع المؤمن وعليه من ذنب فالحالات الثلاث إن كان في ذنب، أو إن كان في تقصير، فالمؤمن ليس معصوما، لكن قد يقع في مخالفة بسيطة ينبغي ألا يصر عليها، فإذا أصرّ على الصغيرة، انقلبت إلى كبيرة، فقد ورد أنه لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار، وقال أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه ” لكل شيء جلاء، وإن جلاء القلوب ذكر الله عز وجل” ولا ريب أن القلب يصدأ كما يصدأ النحاس والفضة وغيرهما، وجلاؤه بالذكر.

فإنه يجلوه حتى يدعه كالمرآة البيضاء، فإذا ترك الذكر صدئ، فإذا ذكره جلاه، و صدأ القلب بأمرين، بالغفلة والذنب، وجلاؤه بشيئين بالاستغفار والذكر، فقال تعالى فى سورة الكهف “ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا” فإذا أراد العبد أن يقتدي برجل فلينظر هل هو من أهل الذكر، أو من الغافلين؟ وهل الحاكم عليه الهوى أو الوحي؟ فإن كان الحاكم عليه هو الهوى وهو من أهل الغفلة، وأمره فرط، لم يقتد به، ولم يتبعه فإنه يقوده إلى الهلاك، وإن الذكر نوعان، أحدهما هو ذكر أسماء الرب تبارك وتعالى وصفاته، والثناء عليه بهما، وتنزيهه وتقديسه عما لا يليق به تبارك وتعالى، وهذا أيضا نوعان، فأحدهما إنشاء الثناء عليه بها من الذاكر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock