هل كان شخصية فلسفية ام صوفية ام مجرد رجل ساخر
جحا . .
هل كان شخصية فلسفية ام صوفية ام مجرد رجل ساخر
للدكتور حسن عبد العال كلية التربية جامعة طنطا متابعة :أحمد عبد الحميد. سؤال أجاب عليه الكاتب محسن عبد العزيز ، بالرجوع إلى كتاب إدريس شاه ” الصوفيون ” الصادر عن المركز القومى بترجمة بيومى قنديل .
قد لا يتخيل الكثيرون أن نوادر جحا ، التى تثير الضحك لها مغزى يتجاوز الفكاهة ، لها مغزى صوفى وأن الهدف منها كان الوجد والإشراق ، رغم ما يبدو على سطح النادرة أو الحكاية أنه نكتة تجعلنا نضحك من سذاجة جحا وغفلته .
شخصية جحا كما يقول إدريس شاه من إبداع الدراويش ، هدفوا من ورائها إبراز المواقف التى تحتاج فيه العقول إلى الضوء ، حتى أصبحت تلك الحكايات إحدى أغرب الماثر فى تاريخ الميتافيزيقا .
أنها ليست سطحية وانما تنطوى على العديد من مستويات العمق ، التى يمكن لكل متلق أن يفهمها حسب ثقافته ، فهناك مستوى النكتة ، ومستوى الحكمة ، ومستوى أعمق قليلا يمضى بوعى الباطن المتصوف أبعد على مستوى الإدراك والإشراق .
وليس هناك من يعرف شيئا عن نصر الدين جحا ، أين عاش أو متى ؟ فالقصد كان وجود شخصية تتجاوز الزمن كالسهم ، كان اهتمام الصوفيين على الرسالة وليس الرجل .
ولقد استطاعت شخصية جحا أن تسخر من المتحذلقين .
فمن نوادره أنه كان يحمل احد المتحذلقين فى مركبه عبر نهر هانج ، وحدث إن أخطأ جحا فى النحو أثناء حديثه معه ، فقال له المتحذلق : ألم تدرس النحو فى حياتك ؟ ورد جحا : لا ، قال الرجل أظنك ضيعت نصف عمرك . وبعد مرور دقائق التفت جحا إلى الراكب وسأله : ألم تتعلم العوم أبدا ، فأجاب : لا ، لماذا ، فقال جحا : إذن ضيعت عمرك كله ، إننا نغرق .
وفى سبيل البحث عن الاستنارة والوعى قد يضل الناس احيانا ويرتبطون بأى معتقد دون أن يميزوا بين الصدق والبهتان . وقد قام جحا بتعليم الناس هذا الدرس بطرق عديدة – كما يقول مؤلف كتاب المتصوفون – ففى يوم وجده أحد الجيران راكعا على ركبتيه يبحث عن شيء ما ، فسأله : ماذا ضاع منك يا جحا ؟ فرد عليه مفتاحى ، فسأله الجار : أين سقط منك ؟ أجاب فى البيت ، فقال له إذا لماذا بحق السماء لاتبحث عنه هناك ؟ فقال جحا النور هنا أكثر .
ويوم ما قال جحا أننى أرى فى الظلام ، فقالوا له ربما يكون ذلك صحيحا ، ولكن لماذا نراك تحمل شمعة فى بعض الليالى ؟ فأجاب حتى لا يصطدم بى من لا يرون فى الظلام .
فهل كان جحا شخصية فلسفية ام صوفية ام مجرد رجل ساخر .
بالتأكيد سوف يظل جحا شخصية إنسانية مليئة بالحياة والمغامرة ، ويستطيع كل إنسان أن يراه طبقا لشخصيته وثقافته .