مقالات

الحوار والجدل والتربية

الحوار والجدل والتربية

وتجربتى فى إذاعة القرآن الكريم

للدكتور حسن عبد العال كلية التربية جامعة طنطا. كنت لفترة طويلة ضيفا على برنامج ” أدب الحوار فى الاسلام ” الذى كانت تقدمه إذاعة القرآن الكريم المصرية ، وحين دعيت الى هذا البرنامج لم أتردد لحظة فى القبول ، لان فكرة البرنامج وموضوعه هو التربية أولا وأخيرا ، ولان طريق الوصول الى الحقيقة – كما يعلمنا القران الكريم هو الإقناع لا الإكراه ، والاقناع هو الهدف من كل العمليات التى كان يقوم بها القرآن الكريم فى عقول الناس وقلوبهم ، وكذلك التربية .

وقد اعتمد القرآن الكريم فى عملية الإقناع واستقطاب الناس نحو الحقائق التى جاء بها الإسلام على اسلوبين من أهم أساليب التربية هما : (الجدل ) و (الحوار ) ، وليس على القسر والإكراه تجىء بهما القوة ، أو الالجاء تأتى به المعجزات ، قال الله تعالى : ” لا اكراه فى الدين قد تبين الرشد من ألغى ” وقال : ” أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ” .

والجدل والحوار أسلوبان تربويان يتوجهان إلى العقل الذى تستهدف التربية بناءه ، والذى يعتمد عليه القرآن الكريم فى تكوين الإيمان ، ومن هنا جعل الكفر آفة عقلية ، وجعل الكفرة كالأنعام أو أضل سبيلا ” ومثل الذين كفروا كمثل الذى ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمى فهم لا يعقلون ” .

والفرق بين الحوار والجدل فيما يتضح من استخدام القرآن الكريم لكل منهما : أن الحوار يكون عندما يضطرب الذهن ، ويصبح العقل فى حيرة من أمر نفسه فى أمر او قضية من القضايا ، ويراد من الحوار أن يخرجه منها ، ويكون الكلام فى الحوار هينا لينا غير عنيف .
أما الجدال فيكون عندما يكون هناك صراع فكرى ، حول قضية من القضابا أو مسألة من المسائل ، ويكون الهدف عند كل واحد من المتجادلين هو هزيمة الآخر والانتصار عليه ، وهذا قد يدفع المتجادلين او أحدهما إلى أى سلاح يمكنه من النصر والغلبة . لكن القرآن الكريم وضع أدابا وقواعد يمارس من خلالها وعلى أساسها الجدال ، فقال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : ” أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم التى هى أحسن ” فالجدال ينبغى ان يكون فقط بالتى هى أحسن ،وأن يكون الحق هو المستهدف من الجدال وليس الباطل ، ومن هنا نهى النبى ان يجادل من ليسوا على الحق ” ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا اثيما ” .
ولأن الجدال يجب أن يكون فى سبيل الحق وإظهار الحقيقة ، جعل القرآن الكريم العقوبة على من يجادل فى سبيل الباطل فقال تعالى ” وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فاخذتهم فكيف كان عقاب ” .

حقا ما أعظم القرآن الكريم فى تنظيره للتربية ومبادئها وأساليبها الصحيحة . وما أجمل تجربتى فى إذاعة القرآن الكريم ، أسأل الله أن تكون خالصة لوجهه ، وأن توضع فى ميزان الحسنات إن شاء الله .

اظهر المزيد

شبكه أخبار مصر

فاطمة الشوا رئيس مجلس إدارة جريدة شبكة أخبار مصر وصاحبة الإمتياز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock