دين ودنيا

وقفه مع الحياة الآمنة والفساد ” الجزء الثانى “

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثانى مع الحياة الآمنة والفساد، ولما أخبر النبى صلى الله عليه وسلم حذيفة بن اليمان بحدوث الفتن وانفلات الولاية، قال له حذيفة ما تأمرني يا رسول الله إن أدركني ذلك قال أن تلزم جماعة المسلمين وإمامهم قال فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام قال فأعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يأتيك الموت وأنت على ذلك، فإن الذين ابتعدوا عن الفساد بجميع صوره هم الذين لهم الدرجات العلى في الجنة، ونسأل الله ألا يحرمنا ذلك، فينبغي أن نتعاون جميعا على محاربة الفساد، وأن نجعله قضية اجتماعية، فإن البلاء إذا نزل يعم الصالح والطالح، فيقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم “مثَل القائم على حدود الله”

والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فكان قوم في أعلاها وقوم في أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا أرادوا الماء مروا على الذين في أعلاها، فقال الذين في أسفلها لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا بدل أن نؤذي مَن فوقنا” ويقول النبي صلى الله عليه وسلم “فلو أنهم تركوهم وما أرادوا لهلكوا وهلكوا جميعا، ولو أنهم أخذوا على أيديهم لنجوا ونجوا جميعا” فعندما نسكت عن المفسدين ولا نبلغ عنهم ولا ننهاهم، ولا نرفع أمرهم ونتركهم ونسكت عنهم ونجاملهم فإن البلاء سينزل بنا جميعا، فينبغي ألا نجامل أحدا إذا رأينا مفسدا يستغل الوظيفة أو المؤسسة يحتال، يرتشي، أو يجامل، أو يسرق، أو يفعل أي صورة من صور الفساد أن نبلغ عنه معذرة إلى الله سبحانه وتعالى.

حتى لا ينزل بنا العذاب، فإن رأينا مفسدا، فينبغي أن نبلغ عنه بعد أن نتثبت ونتأكد أنه مفسد في وظيفته، أو أنه مفسد في مؤسسته، أو أنه مفسد في مسؤوليته، أن نبلغ عنه فنكون ممن أمر بالمعروف ونهى عن المنكر، والنبي صلى الله عليه وسلم قال “من رأى منكم منكرا فليغيره بيده؛ فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان” فينبغي علينا أن نحارب الفساد سرا وجهرا بجميع الصور وبجميع الوسائل، وأن لا نجامل، وأن نعد هذه كارثة ومصيبة، إذا نزل البلاء فإنه يعم الصالح والطالح، وإن الدين الإسلامي الحنيف حارب الفساد منذ اليوم الأول لبعثة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم, فالإسلام ذاته ثورة ضد الفساد, بدءا من فساد العقيدة.

فقد جاء ليحرر الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد, وجاء ليقضى على الأخلاق الذميمة والعصبيات الجاهلية, وينشر بدلا منها, الأخلاق القويمة الحميدة، وتكون العصبية للدين وحده, جاء ليقضى على كل مظاهر الفساد الاقتصادية والاجتماعية ويؤصل بدلا منها كل ما هو حسن وكل ما من شأنه أن ينهض بالأمة ويجعلها رائدة العالم كله، ولقد جاءت الشريعة الإسلامية السمحة لتحقيق مصالح العباد ودفع المفاسد عنهم، وهذا هو الهدف من بعثة الأنبياء عليهم السلام، حيث كان الإصلاح هو سبيل أئمة المصلحين من الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام وهو منهجهم، وأضاف الله الإفساد إلى المنافق وقد اختلف أهل التأويل في معنى الإفساد.

الذي أضافه الله عز وجل إلي هذا المنافق، فقال تأويله ما قلنا فيه من قطعه الطريق، وإخافته السبيل كما حدث من الأخنس بن شريق، وقال بعضهم بل معنى ذلك قطع الرحم وسفك دماء المسلمين، وقد يدخل في الإفساد جميع المعاصي، وذلك أن العمل بالمعاصي إفساد في الأرض، فلم يخصص الله تعالى وصفه ببعض معاني الإفساد دون بعض، وفي سياق التشريع القانوني وضعت أشد عقوبة وأقساها في الإسلام ضد المفسدين في الأرض، ولهذا قاوم الرسول صلى الله عليه وسلم المفسدين ونكل بهم وعاقبه أشد العقوبة، فعن أنس بن مالك قال سألني الحجاج قال، أخبرني عن أشد عقوبة عاقب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock