دين ودنيا

وقفه مع عليكم بشرع الله عز وجل ” الجزء السابع “

إعداد / محمــــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء السابع مع عليكم بشرع الله عز وجل، ويستحيل على الحكيم العليم أن يحرم الشيء ويتوعد على فعله بأعظم أنواع العقوبات، ثم يبيح التوصل إليه بنفسه بأنواع الحيل، فقد حرم الله تعالى على اليهود الشحوم فجملوها وباعوها حيلة، وحرم عليهم صيد السمك يوم السبت فحبسوه يوم السبت، وأخذوه يوم الأحد حيلة، فعاقبهم الله وجعلهم قردة خاسئين، كما قال سبحانه وتعالى فى سورة البقرة ” ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم فى السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين” أما ما حرمه الله على هذه الأمة من الأشياء فهو صيانة لهم وحماية، فهو سبحانه أمر عباده بما أمرهم به رحمة منه وإحسانا وإنعاما عليهم لأن صلاحهم في معاشهم وأبدانهم وأرواحهم بفعل ما أمروا به.

فهو بمنزلة الغذاء الذي لا قوام للبدن إلا به بل أعظم، وليس مجرد تكليف وابتلاء كما يظنه كثير من الناس أو إلحاق الضرر بهم، ونهاهم عما نهاهم عنه صيانة لهم وحمية عما يضرهم، فلم يأمرهم حاجة منه إليهم وهو الغني الحميد، ولا حرم عليهم ما حرم بخلا منه عليهم أو حرمانا لهم وهو الجواد الكريم، فمن أطاع بشرا في شريعة من عند نفسه ولو في جزئية واحدة، فإنما هو مشرك، خرج من الإسلام لله إلى الشرك بالله، ما دام أنه يتلقى من غير الله، ويطيع غير الله كما قال سبحانه وتعالى فى سورة الأنعام ” ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون”

وإن الله تبارك وتعالى يقرر في كتابه، أن الله وحده له الخلق والأمر، وله الحكم وحده لا شريك له، وأنه الذي يستحق الطاعة والعبادة وحده لا شريك له كما قال تعالى فى سورة الأعراف ” ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين” وانظر لأحوال السابقين الأولين عندما رسخت هذه العقيدة في نفوس المسلمين في مكة، واطمأنت لها قلوبهم، يسر الله تعالى لهم مزاولتها الواقعية في المدينة بنزول أحكام العبادات والمعاملات، فهم داخل المسجد وخارج المسجد يمتثلون كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، فيما بينهم وبين ربهم، وفيما بينهم وبين الناس، وقدموا أوامر الله على كل ما سواه فرضى الله عنهم ورضوا عنه.

وفازوا بدار كرامته، فقال الله تعالى فى سورة التوبة” والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضى الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجرى تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم” وإن كل تصرف في الحياة بما لم يأذن به الله هو شرك، وفاعله مشرك أشرك مع الله غيره في طاعته، كما أشرك عابد الوثن مع الله غيره في عبادته، هذا شرك في الطاعة، وهذا شرك في العبادة، والشرك كله ألوانه وأشكاله وأهله في النار كما قال سبحانه فى سورة المائدة ” إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار” وقد بيّن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم- لأمته الحلال والحرام من الأقوال والأعمال والأشياء.

فأحل لهم الطيبات وكل ما فيه منفعة، وحرم عليهم الخبائث وكل ما فيه مضرة، فقال الله سبحانه وتعالى في وصف النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، كما جاء فى سورة الأعراف ” الذين يتبعون الرسول النبى الأمى الذى يجدونه مكتوبا عندهم فى التوراه والأنجيل، يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التى كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذى أنزل معه أولئك هم المفلحون” والمحرمات لها أربع مراتب، فأدناها الفواحش، وأشد منها تحريما الإثم والظلم، وأشد منهما تحريما الشرك بالله سبحانه، وأشد تحريما من كل ما سبق القول على الله بلا علم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock