مقالات

لماذا التنافس الإقليمي والدولي للسيطرة على منطقة القرن الإفريقي إقتصاديا وعسكريا ..؟!!

كتب: عاطف درويش

■ بداية لابد من التأكيد على أن القرن الإفريقي يعتبر منبعًا لنهر النيل .. وبالتالي لابد من الاهتمام به .. لأنه يمس الأمن القومي المصري في المقام الأول .. والأمن القومي العربي في المقام الثاني .. حيث تحصل مصر على 85% من حصتها السنوية من المياه من هضبة الحبشة، و15% من البحيرات العظمى .. وتسعى إثيوبيا في الوقت الحالي إلى التحكم في كمية مياه النيل الأزرق التي تنساب لكل من مصر والسودان .. وذلك من خلال السيطرة على روافده وإقامة العديد من المشروعات الممولة من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل .. بهدف التقليل من كمية المياه التي تدخل السودان ومصر .. وهو الأمر الذي يؤدي إلى تعطيل عملية التنمية في البلدين ..!!

■ يعد القرن الإفريقي منطقة استراتيجية .. فهو يشرف على خليج عدن ومضيق باب المندب والبحر الأحمر .. فضلًا عن أنه يمثل ممرات مائية لها أهميتها التجارية والعسكرية .. خاصة بعد افتتاح قناة السويس عام 1869|.. وتقابل آبار النفط في شبه الجزيرة العربية والخليج العربي وملاصقة إقليم البحيرات العظمى في وسط إفريقيا .. الذي يتميز بغنى موارده المائية والنفطية والمعدنية .. ولخطورة موقعه .. يمثل أهمية كبيرة للأمن القومي المصري .. ويتكون القرن الإفريقي من الصومال .. جيبوتي .. إريتريا .. إثيوبيا ..!!

■ تشغل الصومال معظم مناطق القرن الساحلية التي تقع على المحيط الهندي وخليج عدن.. وتشمل جيبوتي وإريتريا بقية مناطق القرن الساحلية التي تقع على مضيق باب المندب والبحر الأحمر .. أما إثيوبيا فقد حرمت من هذا المنفذ الساحلي الاستراتيجي بعد انفصال إريتريا في عام 1993 ..!!

■ وتشكل منطقة القرن الإفريقي مع اليمن المدخل الجنوبي للبحر الأحمر الذي يقف عند مدخله باب المندب..!!

■ في سبعينيات القرن الماضي وأثناء الحرب الباردة شهدت المنطقة تنافسًا شديدًا وتبادلًا للمواقع وحروبًا بالوكالة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي .. ومع تراجعه أصبح التنافس بين الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا .. اللتين تملكان قواعد كبيرة في القرن الإفريقي .. خاصة في جيبوتي..!!

■ الكيان الصهيوني اعتبر القرن الإفريقي جزءًا من نطاق الأمن الحيوي الجنوبي .. وكان لهذا التوجه أثر بالغ في تهديد الأمن القومي العربي ..!!

■ كما حصلت الصين مؤخرًا على الضوء الأخضر لبناء قاعدة عسكرية بحرية لها في القرن الإفريقي من خلال جيبوتي قبل نهاية 2017 .. بعد مفاوضات بين البلدين .. إضافة إلى توقيعها اتفاقية مع مستثمرين من جمهورية الصين الشعبية لبناء أكبر منطقة للتجارة الحرة في القارة الإفريقية ..!!

■ وفي الآونة الأخيرة شهدت منطقة القرن الإفريقي تحركات خليجية عديدة .. شملت معظم مناطق القرن الإفريقي .. خاصة في إثيوبيا وجيبوتي والصومال ..!!

□ هذه نبذة مختصرة .. وسوف نأتي بالتحليل وبشكل موسع من خلال هذا المقال .

● بدأت ملامح هذه الأزمة تلوح في الأفق فور أعلان الرئيس التركي اردوغان أن السودان قد منح بلاده جزيرة “سواكن” الواقعة في البحر الأحمر لتتولى إعادة تأهيلها وإدارتها لفترة زمنية لم تحدد .. وقد آثار هذا الإعلان جدلاً واسعاً داخل السودان وخارجه حيث يثير الجدل في الداخل على عودة الأطماع التركية في البلاد .. وفي الخارج اعتبرت خطوة تمثل تهديدا صريحًا للأمن الوطني العربي .. بينما اعتبرها الأتراك أنها خطوة لتأمين أمن البحر الأحمر.. بعد أن أكد الجانب السوداني على إنه تم توقيع إتفاقية للتعاون العسكري.

● ولمعرفة أهمية هذه الجزيرة أستراتيجيا .. علينا بداية إلقاء الضوء على عدة حقائق للتعريف بهذه الجزيرة تاريخيا وسياسيا وعسكريا واقتصاديا:

أولا: تقع “جزيرة سواكن” على الساحل الغربي للبحر الأحمر شرق السودان .. جنوب مدينة بورتسودان .. وتبعد عن الخرطوم 560 كم .. مساحتها البالغة 20 كم .. وتتكون من منطقة ساحلية واسعة يدخلها لسان بحري يجعل منها ميناء طبيعياً كان بوابة السودان الشرقية والبحرية قديماً .

ثانيا : سواكن هي مدينة سودانية تطل على البحر الأحمر عبارة عن ميناء وجزيرة .. وتبعد عن العاصمة الخرطوم 560 كيلومترا.. ومساحتها 20 كيلومترا مربعا .. وترتفع عن سطح البحر 66 مترا .

ثالثا : اسم سواكن .. يقال إنه مشتق من السكنى .. أطلق في البداية على الجزيرة فقط .. وتوسع ليشمل مدينة سواكن الحالية .. وتعدّ حاليا الميناء الثاني في السودان.

رابعا : تتمتع هذه المدينة بأهمية استراتيجية .. فهو أقرب موانئ السودان لميناء جدة السعودي .. واستخدمها الحجاج الأفارقة قديما في طريقهم لمكة.

خامسا : هذه المدينة شهدت حضارات عديدة .. ومر بها المصريون القدماء في طريقهم لبلاد بنط .. كما دخلها اليونانيون.

سادسا : ورد اسم سواكن في مؤلفات الرحالة العرب .. مثل ابن بطوطة .. كما أنها كانت طريق هروب العديد من أمراء بني أمية من العباسيين.

سابعا : دخلها السلطان العثماني سليم الأول في القرن السادس عشر .. وخلال الحكم العثماني كانت تابعة لولاية الحجاز .. ثم مقرا لحاكم ولاية الحبشة العثمانية .. التي تشمل مدينتي حرقيقو ومصوع في إريتريا الحالية .. ورفض العثمانيون تبعيتها لمحمد علي باشا والي مصر .. وأجروها له مقابل مبلغ سنوي .. ثم تنازلوا عنها.

ثامنا : بعد هزيمة الثورة المهدية .. أنشأ البريطانيون ميناء بورسودان بديلا لسواكن .. لأنها في رأيهم لم تكن صالحة لاستقبال السفن الكبيرة .!!

● إذن بداية فإن هذا الاتفاق يمثل خسارة اقتصادية لمصر .. فهذا الميناء سيكون محطة وصول وانطلاق للحجاج الأتراك .. وكذلك القادمين من أوروبا في الذهاب والعودة للأراضي السعودية عن طريق جدة .. وهو ما يضيع على مصر دخلا هاما في مواسم الحج والعمرة ..بالإضافة إلى أن هذا الميناء سيكون له دور في حركة التجارة بالبحر الأحمر الذي يمر به يوميا ما يقرب من 3.3 ملايين برميل من النفط.

● ومن الجدير بالذكر بأن وقع الجانبان التركي والسوداني12 اتفاقية من شأنها زيادة الاستثمارات التركية من 650 مليون دولار إلى 10 مليارات دولار، بالإضافة إلى موافقة تركيا على إلغاء تأشيرات دخول السودانيين لأراضيها .

● كما يعد هذا الاتفاق بمثابة خطوة إستباقية تقوم بها الخرطوم ضد أي تحرك عسكري يمكن أن تلجأ إليه مصر في حال صعدت الخرطوم قضية حلايب وشلاتين .. وهو الرأي الذي يبرره البعض بعد تردي العلاقات بين مصر والسودان .. وبعد أن تخلت السودان مؤخرا عن مصر في مفاوضات سد النهضة .. والإعلان عن تضامنها مع إثيوبيا في مشروع السد .. ثم أخيرا إتهام البشير لمصر بأنها تدعم متمردي دارفور .. وأنها ضبطت أسلحة مصرية في يد هؤلاء المتمردين.

● أما بالنسبة لتركيا فإنها استطاعت بهذا الاتفاق أن تضرب أكثر من عصفور بحجر واحد. فعلى الجانب الاقتصادي، فإن سواكن منحت تركيا نافذة هامة في واحد من أهم الممرات المائية في العالم .. كما أن تركيا بذلك قد وضعت لها قدمين حول منطقة الخليج .. الأول بتواجدها العسكري في قطر .. والثاني بهذه الجزيرة التي تبعد عن جدة 386 كيلو بالخط الجوي .

● إن اهتمام تركيا بأمن البحر الأحمر يُقرأ في إطار بحثها عن نفوذ إقليمي ودولي وتوجيه رسالة سياسية لدول الخليج بأنها موجودة في الساحل الغربي للبحر الأحمر .. وأن اتفاق التعاون العسكري وربطه بالاهتمام بأمن البحر الأحمر يعكس بحث تركيا عن نفوذ لها في هذه المنطقة المهمة من العالم ولتأكيد دورها في منطقة الشرق الأوسط .. في إطار التنافس بين مختلف الدول التي تسعى الآن لإنشاء قواعد لها في المنطقة .. بالإضافة إلى الاهتمام التركي بمنطقة القرن الإفريقي .

● وخلال العشرين عاما الأخيرة..أصبحت منطقة القرن الإفريقي ساحة للسيطرة والنفوذ العسكري والتجاري بين عدة دول لم يكن لها وجود في هذه المنطقة .. حيث وضعت كل من الإمارات وإيران والصين وإسرائيل أقدامها في البحر الأحمر .. إما ببناء قواعد عسكرية .. أو الحصول على حق إدارة وانتفاع موانئ في دول إفريقية فقيرة .. مثل الصومال وإريتريا وجيبوتي .. وأخيرا السودان.

■ لماذا التنافس الإقليمي والدولي للسيطرة على منطقة القرن الإفريقي إقتصاديا وعسكريا…؟!

● يعتبر القرن الأفريقي امتدادا للعالم العربي .. وذلك بحكم القرب الجغرافي بينه وبين الجزيرة العربية .. وبحكم الإرث التاريخي والثقافي .. والمصالح الاقتصادية والاجتماعية المشتركة بين الشعوب العربية وشعوب القرن الأفريقي.

● ونظرا لأهمية منطقة القرن الأفريقي .. والمتمثلة في موقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يتيح لها أن تتحكم بأهم الممرات المائية التي تعبرها نسبة عظمى من التجارة الدولية والإقليمية.. ولكونه نقطة وصل بين بين قارات ثلاث هي أفريقيا وآسيا وأروبا .. ازداد الصراع الدولي والإقليمي عليه مما أجج النزاعات الدّاخلية في المنطقة.

● ولكون العرب جزءا من المنظومة الدّولية .. كان من الطبيعي أن يكونوا جزءًا من هذا الصراع على الوجود في المنطقة، خاصة وأنهم عرفوا المنطقة منذ زمن بعيد يعود لما قبل الميلاد.. إلاّ أن العرب لم يفعّلوا حضورهم إلاّ بعد أن تغلغلت إسرائيل في القرن الأفريقي وتعاونت سرّا وعلنا مع دول واقعة فيه لإحداث شرخ في الأمن القومي العربي واستكمال مخططها لتطويق الوطن العربي .. بل لم يدرك العرب أهمية هذه المنطقة إلاّ عندما رأوا أنّ جميع القوى الدولية والإقليمية تتنافس في إيجاد موطئ قدم لها فيها.

● إن منطقة القرن الإفريقي الواقعة على مدخل البحر الأحمر الجنوبي تشهد تنافس اقتصادي وأمني محتدم إقليميا ودوليا، وتحول البحر الأحمر من بحيرة عربية إلى ساحة دولية مفتوحة لكل راغب في إيجاد موطئ قدم له فيها .!!

● وتعود أسباب منافسة تلك الدول على هذه المنطقة إلى عدة أسباب أبرزها القرصنة التي شكلت تهديدًا لحركة الملاحة .. وكذلك رغبة دول القرن الإفريقي الفقيرة باستثمار موانئها المطلة على مضيق باب المندب وخليج عدن .. وقد أتاح وجود حكومات هشة ..أو غير مستندة لآليات شرعية الفرصةَ لمن يقدِم عروضًا أفضل ..وغياب المنافسة الحقيقية بين الراغبين في الاستثمار ..!!

● بدأت الإمارات وتركيا في الحصول على حق إدارة وانتفاع مجموعة من الموانئ في الصومال التي تعاني فقرا شديدا وصراعات أهلية وعمليات إرهابية .. بالإضافة إلى قطر التي حصلت على أكبر ميناء على البحر الأحمر بتمويل قطري في السودان.

● يمتلك الصومال أطول ساحل في القارة الإفريقية بطول يُقدر بأكثر من ثلاثة آلاف كيلومترات .. ويطل أغلبه على المحيط الهندي .. بينما تقع سواحله الشمالية على خليج عدن .. وسواحله الشرقية على مضيق باب المندب ..!!

● أما تركيا فقد حصلت عبر شركة البيرق التركية .. على حق إدارة ميناء مقديشو بعد أن منحتها الحكومة الصومالية الفيدرالية حق تشغيل الميناء لعشرين عامًا في سبتمبر 2014.. على أن تعطي 55% من عائداته السنوية لخزانة الحكومة الصومالية..!!

● أما الإمارات فحصلت عبر شركة موانئ دبي على حق إدارة ميناء بربرة من إدارة حكومة ” أرض الصومال ” في عام 2015 ولمدة 30 عامًا..!!

● وفي إريتريا حصلت الإمارات أيضًا على حق إدارة مينائي مصوع وعصب.. عبر شركة موانئ دبي في عام 2015 لمدة ثلاثين عامًا مقابل أن تحصل إريتريا على 30 بالمئة من عائدات الميناء الذي سيبدأ تشغيله في 2018 ..!!

● كما حصلت موانئ دبي عام 2000 على حق إدارة ميناء جيبوتي الذي يقع على مدخل البحر الأحمر الجنوبي ..!!

● في المقابل تسعى إيران إلى وضع قدمها في منطقة باب المندب بجانب سيطرتها على جزء من منطقة مضيق هرمز.. للسيطرة بشكل أكبر على حركة الملاحة التجارية العالمية من الشرق إلى الغرب..!!

● وتدعم إيران جماعة الحوثيين التي تسيطر على مساحات شاسعة في اليمن أبرزها العاصمة صنعاء ومنطقة ميناء الحديدة الاستراتيجي عند باب المندب..!!

● وتتهم السعودية والإمارات والولايات المتحدة .. إيران بتهديد الملاحة في باب المندب..!!

■ أما بالنسبة للقواعد العسكرية .. فقد دشنت الصين قبل خمسة أشهر أول قاعدة عسكرية لها خارج البلاد في جيبوتي قبالة سواحل اليمن والصومال .. والتي قال مراقبون إنها تقع قرب قاعدة ليمونير الأمريكية في جيبوتي ..!!

● وهذه القاعدة البحرية التي تعد أول قاعدة صينية لها خارج الحدود .. يمكن أن توفر فرصة كبيرة للصين في توسيع نفوذها خارج أراضيها.. خاصة أن المنطقة التي وضعت فيها القاعدة الصينية الجديدة تشهد العديد من عمليات مكافحة الإرهاب التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية..!!

● وقد أكد خبراء في الجيش الصيني إن ما يجري هو محاولة الخصمين “امريكا والصين” لاكتشاف بعضهما الآخر عن قرب ..!!

● أما قاعدة ” ليمونير” الامريكية فقد تأسست عقب هجمات 11 سبتمبر 2001 في أمريكا .. وتقع على مقربة من مطار جيبوتي الدولي .. حيث تعتبر القاعدة العسكرية الدائمة والوحيدة في أفريقيا..!!
– وتضم القاعدة قرابة 4000 آلاف عنصر.. إضافة إلى أعداد أخرى تقوم بزيارات سرية إلى تلك القاعدة.. وأيضاً تعتبر قاعدة لانطلاق العديد من الطائرات دون طيار التي تستهدف مواقع في الشرق الأوسط والقرن الأفريقي.. منها غارة شنتها امريكا على اليمن ..!!

● وقد افتتحت تركيا أكبر قاعدة عسكرية لها في الخارج في العاصمة الصومالية مقديشو .. بتكلفة 50 مليون دولار في مسعى لتوطيد علاقاتها مع الصومال وتأسيس وجود لها في شرق إفريقيا..!!

● وبدورها السعودية تقترب من إتمام صفقة مع جيبوتي لبناء قاعدة عسكرية في ظل مسعاها للعب دور أكبر في أمن المنتطقة ..!!

● تحركات الدول الستة تعني أن فقر دول القرن الإفريقي وحاجته إلى المساعدات دفعته إلى فتح الأبواب أمام القوى الإقليمية والدولية لتضع قدما اقتصاديا وعسكريا في منطقة استراتيجية تسيطر على واحد من أهم الطرق التجارية في العالم.

● فيما نقل تقرير عن المبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي في القرن الأفريقي .. “الكسندر روندوس” أن ” دول العالم الإسلامي التي تتنافس في ما بينها على النفوذ..قررت تأمين مصالحها في تلك المنطقة ..!!

● وأشار التقرير إلى أن ” تناوب العديد من المسؤولين والزعماء من بلدان الشرق الأوسط على زيارة منطقة القرن الأفريقي في الآونة الأخيرة يعد مؤشراً لافتاً على وجود تحول كبير في معركة تعود لقرون بين القوى الأجنبية المتصارعة على النفوذ .. والتجارة .. والموارد .. والوجود العسكري في منطقة حساسة استراتيجياً على مستوى العالم ..!!

■ إذن لماذا إنزعج السودان من التواجد العسكري المصري في قاعدة “ساوا” ..؟!!

● كما أكدنا سابقا بأن المنطقة الجغرافية المسماة بالقرن الأفريقي .. والتي تشمل الصومال وجيبوتي واريتريا .. تعد إحدى أهم المناطق الاستراتيجية التي تشهد صراعات ذات وتيرة بطيئة في الوقت الحالي ..ولطالما شكلت هذه المنطقة مساحة مهمة لمصر خاصة أنها تمثّل .. إلى جانب حوض النيل .. فهي العمق الأفريقي الأبرز الذي يهدد أمنها القومي ..فكان لزاما على مصر أن تتحرك لحماية أمنها القومي !!

● وبما أن إثيوبيا ايضا تسيطر على أكثر من 80 في المئة من مياه النيل الأزرق (حيث يشيّد سد النهضة) .. فقد كان منطقياً أن تصبح هذه الدولة الأفريقية حجر الزاوية في المسعى الإسرائيلي لتضييق الخناق على مصر .. ومن اللافت أن أديس أبابا قد شرعت في إطلاق حملتها لإعادة توزيع المياه (والحديث عن السد) في الفترة نفسها التي شهدت خلالها العلاقات الإسرائيلية ــ الإثيوبية تطوراً غير مسبوق.

● ولضمان عدم تهديد الأمن القومي المصري والعربي سارعت مصر من تواجدها .. وهذا ما أكت عليه بعض المصادر عن وصول تعزيزات عسكرية من مصر .. تشمل أسلحة حديثة وآليات نقل عسكرية وسيارات دفع رباعي إلى قاعدة “ساوا” العسكرية في إريتريا .. والتي تقع في إقليم “القاش بركا” المحاذي للسودان في حدوده الشرقية .. وتعتبر المقر الرئيس لتدريب جنود الخدمة الوطنية.. أكدت المصادر إن اجتماعا عُقد في القاعدة وضم عددا من القيادات العسكرية والأمنية من مصر والإمارات وإريتريا والمعارضة السودانية ممثلة في بعض حركات دارفور وحركات شرق السودان.. هذه التحركات والتطورات أغضبت الرئيس السوداني عمر حسن البشير الذي أعلن حالة الطوارئ في عدد من الولايات السودانية.. من بينها ولاية كسلا شرق السودان المحاذية لإقليم القاش بركا الإريتري ..!!

■ إذن فإن تدعيم الأمن القومي العربي يتطلب الاعتماد على عدد من الركائز الواقعية والموضوعية لتغيير الواقع السلبي في العلاقات بين العرب وشعوب منطقة القرن الإفريقي ..من أهمها إعادة التفكير مجدداً في الأمن القومي العربي ومجاله الحيوي كنقطة انطلاق للعمل على بناء علاقات تعاون إستراتيجي سياسي واقتصادي وأمني ومائي مع هذه المنطقة بما يصب في مصلحة الأجيال العربية المقبلة .. ويعتبر القرن الأفريقي امتداد أو حديقة خلفية لمصر وللعالم العربي .. ولذلك من الصعب أن يشعر العرب بالأمن والهدوء طالما هناك من يحاول التواجد الغير مشروع في القرن الأفريقي لتهديد أمن المنطقة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock