رحله نحو حياة إيجابية مقدمة رحلتنا
رؤف سامى ذكى
مكتب كفر الشيخ
كلنا يعلم أننا لن نحقق شيئا من خلال شكوانا، ومع ذلك لا زلنا نشتكي بين حين وآخر إن لم يكن باستمرار و كل يوم.
و الشكوى هي رد فعل تلقائي أحيانا نقوم به بوعي وأحيانا لا ندرك ذلك خاصة لمن وعيه منخفض و لا يعي أهمية المراقبة و الصمت وعدم التفوه بالكثير من الأشياء التي لا حاجة له و للطرف الآخر في سماعها.
الأطفال الصغار مثلا يدركون أن من خلال شكواهم وصراخهم ستلبى مطالبهم لذلك يستخدمون هذه الإستراتيجية.
عندما نكبر لا زالت أذهاننا مرتبطة بهذه الإستراتيجية وندرك أننا نستطيع استخدامها بشكل جيد في لفت انتباه الآخرين لمشاكلنا، وربما قد نتسبب في زيادة الأمر سوءا خاصة إذا كان الطرف الآخر لا يعير الأمر أهمية لما تقوله، أو فقط يريد أن يعرف مابك و من ثم يتركك في شأنك كأن أمرك لم يعد يهمه، لذا مهم جدا أن تكون مراقبا ومنصتا لذاتك قبل أي أحد آخر.
طبعا البعض يشتكي ظنا أنه بذلك سيرتاح بمجرد أن يطلق العنان لمشاعره السلبية بالخروج بينما الأمر ليس كما يظنه فقد قيل في الأمثال قديما ( إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب ) وكن على ثقة أن شكوى واحدة ستمهد الطريق لشكوى أخرى.
تعمل الشكاوي على تقوية نقاط المسارات العصبية السلبية، فعندما نفكر في شيء ما تطلق الخلية العصبية سلسلة من الناقلات العصبية و التي من خلالها تتواصل مع عصبون آخر، وتؤسس نوعا من الجسور التي تمر عبرها إشارة كهربائية فتنتقل من خلالها المعلومات في الدماغ.
و الشيء المثير للاهتمام أنه في كل مرة يتم فيها تحديث هذه النقاط فإنه يتم توحيد هذا المسار وبهذه الطريقة يتم إنشاء طرق عصبية سريعة في الدماغ و التي تسمح لنا بتكرار الأشياء بطريقة تلقائية بدون الحاجة إلى التفكير للحظة فيها حتى.
هذه الناقلات العصبية ليست ثابتة بل هي متغيرة اعتمادها على مدى الاستمرار في ممارستها و الالتزام بها.
طبعا هناك محاذير كثيرة لعدم الشكوى ونصائح قيلت أو مررت لنا في رحلتنا في الحياة لكن أهمها من وجهة نظري أن كثرة الشكوى ليست فقط تبعدك عن من تحب وتصيبهم بالملل منك ولكن هي تعمل على ابعادك عن نفسك وتعمل على عدم التواصل و الوضوح مع ذاتك.
أيضا من المهم أن تعي أن مسألة تغيير ما تشعر به ليس مسؤولية الآخرين ولا يأتي من مصادر خارجية بمجرد التحدث عن الأمر.
إذا كنت لا تحب شيئا في حياتك فانتبه للمكان الذي تضع فيه تركيزك، ما تركز عليه هو ما تدعوه لحياتك.
