مقالات

اللهُ في عقائدِ الصغارِ …

بقلم الدكتور عمران صبره الجازوي

جلس طفلي الصغير ” همّام ” والذي لم يتجاوزُ الخامسةَ من عمره – آنذاك – هو وبنو أعمامه الذين هم أترابٌ له ( البدري – خلف – صبره – عبد الرحمن ) فإذا بهم يتحدثون عن الله ، الأمرُ الذي استرعى انتباهي ، وجعلني استرقُ السمع ، وكلي آذانٌ مصغيةٌ ، فسمعته يقولُ لهم – بلغةٍ دارجةٍ بسيطةٍ – : أنتو عارفين ده ربنا بيحبنا حب ، فيرد عليه البدري قائلاً : أيوه ده بيحبنا كتير ، ويتجاذب صبره أطراف الحديثِ ، ويدلي بدلوه ، فيقولُ : عارفين لو روحنا عنده هيجيبلنا فواكه كتيرة ، ويضيفُ خلف : وهيدينا كل حاجة حلوة …. إلخ .
بيْدَ أني لم أتعجبْ من معرفتهم لله – عزَّ وجلَّ – فقلوبهم مجبولةٌ على معرفته – سبحانه – ، ومصداقُ ذلك قوله – ﷺ- : ” ما من مولودٍ إلا يُولدُ على الفطرة – أي الإسلام – فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه …. ” بقدرِ تعجبي من وقوفهم على صفاته العُلى ، فعندما تفكرت في أقوالهم وجدتُ اللهَ في اعتقاداتهم رمزاً لكلِ ما هو جميل إذ هو رمزٌ للحب ، وهو ما أثبته لنفسه – سبحانه وتعالى- في علاقةٍ متبادلةٍ بينه وبين عباده ، قال تعالى : ” يحبهم ويحبونه …} سورة المائدة آية – 54 ، كما أنه رمزٌ للعطاءِ ، ولم لا ؟ وهو الذي خلقنا بقدرته ، وربّانا على نعمته ، وآتانا من كل ما سألناه ، وأسبغ علينا نعماً ظاهرةً وباطنةً تتوالى وتتجددُ وتزدادُ إذا ما قُوبلت بالشكرِ ، قال تعالى : { لئن شكرتم لأزيدنكم … } سورة إبراهيم آية – 7 ، كما أنه مصدرٌ للخيرِ الكثيرِ ، والمنحِ الجزيل ، فهو يعطي ولا يضنُّ ، خزائنه ملأى لا تنفدُ ، وخيره كثيرٌ لا يُعدُّ .
هذه هي العقيدةُ الصافيةُ النقيةُ التي لم تدنّسها أدرانُ الفلسفاتُ ، ولم تعقّدها الاختلافاتُ والتحزبات ، لم تعتورها شوائبُ شركٍ ، ولم يصبها رذاذُ إلحادٍ ، وأعتقدُ أننا لو حافظنا على نقاءِ عقيدتهم وصفائها لأخرجنا أجيالاً وثيقةَ الصلةِ بربها ، عقائدهم صحيحةٌ تتميزُ بالرسوخِ والثباتِ تقابلُ عطاءَ ربها بطاعته ، وكرمه بامتثالِ أوامره ، واجتنابِ نواهيه ، فتدين لهم الدنيا كما دانت لأسلافهم ، ويعيدوا الأمةَ إلى مسارها الصحيحِ الذي حادت عنه ، ويسطّروا تاريخها من جديدٍ بصفحاتٍ مشرقةٍ تأبى على الطمسِ ، وأمجادٍ عن النسيانِ بمعزلٍ .

اظهر المزيد

شبكه أخبار مصر

فاطمة الشوا رئيس مجلس إدارة جريدة شبكة أخبار مصر وصاحبة الإمتياز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock